الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلاق المغلوب على عقله والمبتلى بالوسوسة

السؤال

أنا صاحب السؤال رقم: 2452902، الذي أرسلته إليكم بالأمس أردت توضيح شيء بالنسبة للفقرة الخامسة من أسئلة الأمس، وأضيف سؤالا جديدا: وهذا السؤال أشد الأسئلة إيلاما لي لكوني استدعيته إلى ذهني وأخاف منه جدا بسبب أن احتمال النطق فيه أكبر مما سبقه من الأسئلة ومع ذلك أيضا أنشئ عبارات مماثلة: هي أربع وأربعون سنة، وأقف على الميم من كلمة مدرسة وأستدعي في ذهني كلمة ـ طيبة ـ بدلا من من كلمة مطلقة، لأصل إلى حقيقة الأمر وأجد حرجا شديدا في نفسي، وهذ هو السؤال بعد إضافة الفقرة السابقة إليه للتذكير.
5ـ وبعد حدوث الشك والحيرة حاولت أن أنشئ عبارات مماثلة أهمس بها وأرددها مع نفسي فقلت: هي أربع وأربعون سنة وأريد أن أقول مدرسة تحاشيا لكلمة مطلقة، ونطقت بالميم وربما بالدال وتوقفت واستدعيت في ذهني كلمة: مطلقة ـ فانتبهت لها وانشغلت بها فخشيت أن أكون تلفظت بها بدلا من مدرسة، وفي هذه المرة ارتفعت نسبة إمكانيات التلفظ من الأسئلة السابقة عليها والحزن أشد، وهذا السؤال أشد الأسئلة إيلاما لي لكوني استدعيته إلى ذهني وأخاف منه جدا بسبب أن احتمال النطق فيه أكبر مما سبقه من الأسئلة ومع ذلك أيضا أنشئ عبارات مماثلة......

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيتبين من سؤالك أن الوسواس قد بلغ منك مبلغا عظيما، فنسأل الله لك الشفاء والمعافاة، ثم اعلم أن ما ذكرته لا يقع بشيء منه طلاق، والمبتلى بالوسواس لا يقع منه الطلاق، ولو نطق بلفظه صريحا، ما لم يرده، ويقصده قصدا حقيقيا في حال طمأنينة، واستقرار بال، وذلك لأنه مغلوب على أمره في غالب أحواله، قال الإمام الشافعي في كتابه الأم: ومن غلب على عقله بفطرة خلقة، أو حادث علة لم يكن سببا لاجتلابها على نفسه بمعصية، لم يلزمه الطلاق، ولا الصلاة، ولا الحدود، وذلك مثل المعتوه، والمجنون، والموسوس، والمبرسم، وكل ذي مرض يغلب على عقله ما كان مغلوبا على عقله، فإذا ثاب إليه عقله، فطلق في حاله تلك، أو أتى حدا أقيم عليه، ولزمته الفرائض، وكذلك المجنون يجن ويفيق، فإذا طلق في حال جنونه لم يلزمه، وإذا طلق في حال إفاقته لزمه. اهـ.

فمن باب أولى أن تحديث الموسوس نفسه بالطلاق لا يقع به طلاق، وكذلك شكه في التلفظ بالطلاق لا يترتب عليه شيء، ولا يقع به طلاق، وننقل لك هذه الفتوى لابن عثيمين حول طلاق الموسوس، يقول فيها: ونصيحتي لهذا الأخ الذي ابتلي بهذا الوسواس في طلاق امرأته: ألا يلتفت إلى ذلك أبدا، وأن يعرض عنه إعراضا كليا، فإذا أحس به في نفسه، فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم حتى يبعده الله عنه، أما من الناحية الحكمية: فإن الطلاق لا يقع بهذه الوساوس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ـ فما حدث الإنسان به نفسه من طلاق أو غيره، فإنه لا يعتبر شيئا، وإذا كان طلاقا فإنه لا يعتبر حتى لو عزم في نفسه على أن يطلق لا يكون طلاقا، حتى ينطق به فيقول مثلا: زوجتي طالق، ثم إن المبتلى بوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به في لسانه، إذا لم يكن عن قصد، لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة، بل هو مغلق مكره عليه، لقوة الدافع، وقلة المانع، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: لا طلاق في إغلاق ـ فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة، فهذا الشيء الذي يكون مرغما عليه الإنسان بغير قصد ولا اختيار، فإنه لا يقع به طلاق. اهـ.

ولمعرفة علاج الوسوسة راجع الفتوى رقم: 51601.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني