الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلمة بانت بدون نية أو إضافة لشيء لا يقع بها طلاق

السؤال

تعرفون أن كلمة: بانت ـ من كنايات الطلاق الظاهرة والتي قال فيها المالكية بأنها لا تحتاج إلى نية في إيقاع الطلاق، فحدث ما يلي:
1ـ بداية جلست أتساءل مع نفسي فقلت لنفسي ماذا سيقول لك المفتي بعد إرسال عدة أسئلة له في الطلاق؟ وأجبت على التساؤل بقول: بانت منك، وظننت ظنا قويا أن التساؤل كان في النفس وأن الإجابة كانت باللفظ: بانت منك، فأعدت كلمة: بانت، للتأكد إن كان تلفظا أم لا مرتين بعد التساؤل؟ ثم بعد ذلك بساعة أعدتها.
2ـ وأنا مستغرق في أحد الأسئلة التي أرسلتها أحسست أنني أعدت كلمة: بانت: فقلت لنفسي لا تسأل عنها.
3ـ كنت أريد أن أرسل سؤالا لأحد علماء الفتوى فأخذت برهة من الوقت أفكر في السؤال الذي أرسله للشيخ، حيث لدي أكثر من سؤال في الطلاق وأنا في هذا التفكير قلت: بانت، ولم يكن ذهني وقت التلفظ ببانت متجها نحو زوجتي، وإنما كان ذهني منصبا نحو الأسئلة.
4ـ قررت ألا ألتفت لكل ظنون وقوع الطلاق ووفقت في ذلك لأيام وشعرت بانشراح الصدر وقلت هل يمكن أن أكون قد نجوت من ألفاظ الطلاق التي سبق أن سألت عنها؟ فجاءت في ذهني كلمة: بانت التي هي من كنايات الطلاق والتي سألت عنها، فما حكم ما سبق؟.
5ـ وبعد أن كتبت السؤال وقبل إرساله قلت أسأل أحد المفتين تلفونيا وتخيلت المفتي وأنا أقول له: بانت ـ وفي ذهني كلمة بانت التي سألته عنها سابقا، فأحسست أن كلمة: بانت خرجت، فهل يقع الطلاق، ثم ذهبت للوضوء وأنا منشغل بما سبق أحسست بخروج كلمة: بانت ـ وأنا أفكر في الأسئلة السابقة.
6ـ وفي اليوم التالي، وبعد أن جاءني جوابان عن السؤال الرابع والخامس بأن هذا لا يضرني ولا يقع به طلاق وحمدت الله على ذلك وذهبت لكي أنام فأحسست أنني تهامست ونطقت بحرف الباء والألف وربما النون وشككت هل أكملت الكلمة ونطقت بالتاء أم لا من كلمة: بانت ـ التي هي من كنايات الطلاق الظاهرة، وحاولت أن أتكلم بكلمة قريبة منها مثل: سانت ـ لأحكم، فلم أستطع الحكم فحاولت ألا أهتم بها إلا أنني بعد أن نمت واستيقظت شعرت بحزن، وتساورني شكوك قوية بأنني قد نطقت بالكلمة، فهل يقع بذلك طلاق حسبما فهمت من أقوال المالكية والحنابلة؟.
7ـ وأخيرا عندما أردت مراجعة ما جمعته من الأسئلة السابقة وفتحت المستند للمراجعة وتنسيق الأسئلة فأول شيء وقعت عليه عيني وقرأته لفظ: بانت منك ـ الذي في السؤال الأول وقرأتها أكثر من مرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي يظهر من سؤالك أنك مصاب بوسوسة شديدة في أمر الطلاق، والواجب عليك أن تطرح هذه الوساوس، واعلم أن اليقين لا يزال بالشك، ولا يكون الطلاق إلا بما يدل عليه من صريح أو كناية مع نية، أما مجرد حديث النفس أو الشك في التلفظ بالطلاق أو عدم التلفظ به أو النطق بلفظ من كنايات الطلاق ولا نية معه فلا يعتد به ولا يلتفت إليه، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 69683، وتوابعها.

واعلم أن الطلاق الذي يقع من الموسوس بسبب غلبة الوساوس عليه غير واقع، كما بيناه في الفتوى رقم: 56096.

وقد بينا حكم لفظ البينونة عند المالكية وغيرهم في الفتوى رقم: 127236.

ولكن ننبهك أن قولك: بانت ـ إن كنت نطقت بها، فهي كلمة ـ بلا نية تطليق أصلاً ـ بل تخيل لجواب المفتي، فهذا كلفظ الطلاق الذي لا يُضاف إلى شيء، ولا نية، لا يقع به شيء إذا أطلق الكلمة، ولم يقل فلانة طالق ونحوها، قال العدوي المالكي في الحاشية: تَنْبِيهٌ: جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ حَيْثُ لَا بِسَاطَ سياق للكلام، وقرائن، وَأَمَّا لَوْ رَفَعَتْهُ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ عِنْدَ الْمُفْتِي، وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ بِهَذَا اللَّفْظِ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَى نَفْيِ الطَّلَاقِ، لَكِنْ عِنْدَ الْقَاضِي حَيْثُ رَفَعَتْهُ بَيِّنَةٌ بِيَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ.

وراجع للأهمية في علاج الوسواس القهري، الفتاوى التالية أرقامها: 10355، 3086، 15409.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني