الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الشرع من أب لم يراع حرمة ابنته، وحكم منع الزوج من زيارتها له

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهلقد تزوجت حديثاً وخلال حديثي مع زوجتي أباحت لي بسر وهو كان والدها وهي بعمر 14 عاماً يقوم بمداعبتها ولمسها بيديه على جميع جسمها ولغاية عمر 21 عاماً وكان يأتيها بالليل ولكن لم يمارس الجنس معها فقط كان يلامسها ويحسس في الأماكن الحساسة .الآن أنا في وضع صعب ولا أعرف ماذا أتصرف لا أريد أن أرى والدها أو يدخل بيتي ولا أن تذهب الى بيتهم، كما أود أن أعرف هل إذا قمت بطلاقها يلزمني الشرع بدفع المؤجل وهي معترفة بهذا ، أو هل آخذ أعترافاً رسمياً مكتوباً بذلك لإثبات هذا الجرم . أنا في حيرة من أمري ، لا أريد أن يكون أبنائي في المستقبل لهم أي تأثير. وجزاكم الله خيراً.......

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فما فعله أبو زوجتك من المحرمات القطعية، فإن الله تعالى أمر المؤمنين بغض أبصارهم فقال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30].
واللمس أبلغ من النظر فيكون محرماً من باب أولى، وروى الطبراني في معجمه الكبير عن معقل بن يسار رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. وصححه الألباني.
وإذا كان النهي عن النظر واللمس متأكداً في حق عموم الناس، فلأن يزداد تأكداً عند فعله مع المحارم من باب أولى، لأن المحرم مأمور بالحفاظ على أعراض محارمه، والحفاظ عليها ينافي هتكها، فيكون هاتك حرمة محارمه قد وقع في مخالفة الأمر والنهي في وقت واحد، ولهذا كان التحريم في حقه أشد، وهذا ما يتناسب مع أصول الشريعة وقواعدها العامة، ويجب على هذا الوالد الذي فعل ما ذكرت، وعلى زوجتك أن يتوبا إلى الله تعالى، وذلك بالندم على ما حصل منهما، والإقلاع عنه، والعزم على عدم العودة إليه أبداً، وكان الواجب على زوجتك أن تستر أباها ونفسها، فالله تعالى ستير يحب الستر. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر. رواه أبو داود والنسائي.
وفي موطأ مالك من مرسل زيد بن أسلم: من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله. ورواه البيهقي والحاكم مرفوعاً.
ولأن هذا الأمر لا يؤثر على حياتكما الزوجية ومن المعلوم أنه ما من أحد إلا وله ذنب علمه من علمه وجهله من جهله، وفي الحديث: كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
ولو أن كل زوجين افترقا لأجل ما ارتكب كل واحد منهما من المعاصي ما بقي على وجه الأرض زواج.
ولو حصل فراق بينكما فلزوجتك جميع حقوقها غير منقوصة، لحصول الدخول الحقيقي عليها، وهذا بلا خلاف بين العلماء، لأن ما حصل من أبيها معها لا يؤثر على المهر مقدماً كان أو مؤخراً، أما عن منع أبيها من زيارتها في المستقبل، فهذا أمر راجع إليك لأنك صاحب تقدير المصلحة والمفسدة في ذلك، فإذا وجدت أن زيارة أبيها لها تؤدي إلى مفسدة فلك منعه من ذلك، أما إذا لم يؤد ذلك إلى مفسدة فليس لك منعها من الذهاب إليه، وراجع في هذا الفتوى رقم:
20950.
وإننا نوصي الزوج بالحفاظ على حياته الزوجية قدر الإمكان ما دامت زوجته قد تابت، فقد قال الله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128].
وقال تعالى: إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً [النساء:35].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني