الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم البيع في المسجد

السؤال

ماحكم الإسلام في رجل يبيع الكتب الدينية داخل المسجد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك"......
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تنشد فيه الأشعار..... رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما.
ولهذا ذهب جماهير أهل العلم إلى كراهة البيع والشراء في المسجد، سواء كانت السلعة حاضرة أو غائبة موصوفة، وذهب بعض أهل العلم إلى تحريم البيع والشراء في المسجد، مع اتفاق الجميع على أن ما عقد من البيع في المسجد لا يجوز نقضه.
قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار: (أما البيع والشراء "أي في المسجد" فذهب جمهور العلماء إلى أن النهي محمول على الكراهة، قال العراقي: وقد أجمع العلماء على أن ما عقد من البيع في المسجد لا يجوز نقضه. وهكذا قال المارودي. وأنت خبير بأن حمل النهي على الكراهة يحتاج إلى قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي الذي هو التحريم عند القائلين بأن النهي حقيقة في التحريم، وهو الحق، وإجماعهم على عدم جواز النقض وصحة العقد لا منافاة بينه وبين التحريم فلا يصح جعله قرينة لحمل النهي على الكراهة.
وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى أنه لا يكره البيع والشراء في المسجد، والأحاديث ترد عليه.
وفرق أصحاب أبي حنيفة بين أن يغلب ذلك ويكثر فيكره، أو يقل فلا كراهة، وهو فرق لا دليل عليه).
انتهى
وقال المرداوي في الانصاف: (لا يجوز البيع والشراء للمعتكف في المسجد وغيره على الصحيح من المذهب، نص عليه في رواية حنبل، وجزم به القاضي وابنه أبو الحسين وغيره وصاحب الوسيلة والإيضاح والشرح هنا وابن تميم، وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وغيرهما).
وعلى كل حال.. فالأولى بالمسلم الابتعاد عن البيع والشراء في المسجد، لأن هذا المكان بني لعبادة الله تعالى، فلو جاء الناس بسلعهم إليه لبيعها فيه صار سوقاً، وفي موطأ مالك أن عطاء بن يسار: كان إذا مر عليه بعض من يبيع في المسجد دعاه فسأله ما معك وما تريد؟ فإن أخبره أنه يريد أن يبيعه قال: عليك بسوق الدنيا وإنما هذا سوق الآخرة.
وفيه أن عمر بن الخطاب بنى رحبة من ناحية المسجد تسمى البطحاء وقال: من كان يريد أن يلغط أو ينشد شعراً أو يرفع صوتاً فليخرج إلى هذه الرحبة.
انتهى
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني