الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لهذه الاعتبارات نرى أن العمل الدعوي للمرأة هو الأسلم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
هناك مسجد في ولاية أمريكية يصلي فيه الرجال مع النساء بالشكل الشرعي الرجال أولاً ثم النساء خلفهم ، وترغب النساء في القاء موعظة اسبوعية لمدة عشرين دقيقة على الرجال والنساء من ميكروفون متحرك بحيث يبقى الرجال في وضعهم في الصلاة والنساء من خلفهم دون النظر إليهم .
فهل يجوز شرعاً ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:

فإن مبدأ مشاركة المرأة في التعليم والدعوة والإصلاح بحسب طاقتها وسعتها أمر مطلوب شرعاً ، فالمرأة كالرجل مسؤولة عن علمها ماذا عملت به ، كما أنه مطلوب منها أن تكتب وتنقد ، ويقرأ لها الرجال . وفي عصور الإسلام الزاهرة ، حيث الفضيلة والاحتشام ، وانحسار أسباب الفتنة ، كانت النساء تقعد للتعليم من وراء حجاب تروي الأحاديث وتشرح المسائل ، وكانت النساء تنافس الرجال في طلب العلم ، لكن بأدب الإسلام ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وسلم : غلبنا عليك الرجال يا رسول الله فاجعل لنا يوماً من نفسك ، فوعدهن النبي صلى الله عليه وسلم يوماً لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن ، رواه البخاري . فلم تطلب النساء المزاحمة ، بل رغبن في الاختصاص. ومع كثرة النساء العالمات الحافظات لم يذكر التاريخ إلا نسوة قليلات كانت لهن مجالس يتلقى عنهن الرجال فيها العلم ، وكانت من وراء الحجاب ، لكن كانت النساء تحضر مجالس العلم التي يعقدها الرجال ، وهي لا تحصى كثرة ، تحضرها النساء محتشمات ، يقعدن في مكان بحيث يسمعن العلم ولا يخالطن الرجال .. وعلى هذا درج عمل المسلمين . وفي العصر الحاضر ، ومع تنامي الهجرة إلى البلاد غير الإسلامية ، جاءت ضرورة اجتماع المسلمين في المهجر في المراكز والمساجد ، لحماية أنفسهم وأولادهم ، يتلقون فيها العلوم الشرعية ، ويمارسون فيها المناشط الدعوية وغيرها .. وهنا كان لا بد للمرأة أن تشارك في هذه الأعمال ، ولكن بأي صفة وكيفية ؟ الذي نرى أنه الصواب في مثل هذه الظروف ، والذي يحقق طموح المرأة في المشاركة ، ويحفظ لها خصوصيتها ضمن أدب الإسلام ، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي نراه الصواب في ذلك أن تمارس المرأة نشاطها الدعوي والتعليمي بين بنات جنسها من النساء ، وألا تتعدى ذلك إلى الرجال ، بأي حال ، وذلك لأسباب منها : - أن المرأة مطلوب منها التستر ، وألاّ تتحدث إلى الرجال الأجانب إلا بحاجة ، دون إطالة .. وفي الدرس أو المحاضرة ما يكسر حاجز التستر لما فيه من الإطالة والتفنن في الكلام . - أنه لا يكاد يوجد مجتمع كالمساجد والمراكز الإسلامية - وهذا بالاستقراء - إلا وفيه من الرجال أضعاف ما فيه من النساء من حيث العلم والفقه في الدين ، فالأولى تفعيل دور الرجال ، وجعل النساء في محيطهن الملائم لطبيعتهن. - وفي حال عدم وجود الكفاية في مكان ما ، فإنه يمكن الاستعانة بآخرين وهذا معمول به ، وقد أثبت نجاحه . - أن فتح هذا الباب - برغم التحفظ في البداية - فإنه سيجر إلى مضاعفات لا تحمد ، وسيكون سنة سيئة لغيركم ، قد لا تسلمون من وزرها ، فترك ذلك سداً للذريعة ، واتباعاً لسنة المسلمين في التعليم والدعوة ، وصيانة لجناب المرأة المسلمة أن تقف مواقف محرجة .. لذلك كله نرى عدم المضي في العمل المقترح ـ وأن فيه من المحاذير الشرعية ما يجعل تركه مصلحة شرعية راجحة يجب الأخذ بها ، وأن ما فيه من مصالح هي مصالح مرجوحة ، فهي ملغاة يجب اطراحها . يؤيد هذا أن رفع الصوت بالتلبية في الحج والعمرة أمر مطلوب شرعاً واستثنى الشارع من هذا الطلب النساء كما استثناهن من الأمر بالجهر بالقراءة في الصلاة ومن الأمر بالأذان لحاجة المؤذن إلى أن يرفع صوته ، وما استثناهن في هاتين الشعيرتين(الصلاة والجمع) وهما ركنين من أركان الإسلام ألا وهو يعلم أن رفع الصوت فيهما قد يجلب من المفاسد أكثر مما يرجى منه من المصالح: ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) ، فالحاصل أن ما يرجى من هذا الأمر من مصالح - على افتراض حصولها - قد قابله ما هو أعظم منه من المفاسد ومن مقررات قواعد الأصول : أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح إذا تعارضا .
والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني