الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التجسس على الأم للشك في زواجها سرا

السؤال

تجسست على هاتف والدتي الأرملة -أشك في أن تكون قد تزوجت سرا وأنا لا أعلم؛ لكثرة تغيبها -ووجدت في رسائل هاتفها ما يدل على ذلك. وأعلم أن التجسس حرام، وآثم بسببه، ولكني مسؤول عنها، ولا أريد لها سوى الزواج الشرعي، ولا أعلم إن كان ذلك زواجا شرعيا أم لا؟
ولا أعلم إن كانت تخفي عني الأمر فقط أو عن جميع أقاربنا؛ لأني أنا العائل الوحيد لها، وبزواجها لا بد لي من التجنيد الإجباري، وأخشى أن تكون تزوجت سرا مخافة أن أجند، وأريد لي ولها السلامة من النار وحرها، ولا أعلم ماذا أفعل؟
ولا أعلم ماذا أفعل إذا رفضت إشهار زواجها، أو كذبت علي حين واجهتها؟ وهل آثم إذا لم تعلنه، ويكون شرعيا وما ذا يجب علي فعله ناحيتها؟
وكذلك لي حساب ادخار في بنك ربوي، وعلمت أن تلك الفوائد كلها حرام، فعزمي الآن على التخلص منها، والحفاظ على ما ورثته فقط من أبي، وتوجيه الفوائد في أوجه خير أطهر بها مالي لا بغرض الصدقة، وأمي تنهاني بحجة حاجتي لهذا المال للزواج، وعدم قدرتي المادية حاليا على الاستغناء عنه، فتقول لي: انقل المال كله، لا رأسه فقط، لبنك إسلامي، وأخرج زكاة مال عنه كله دائما، وحين يتيسر لك سداد الجزء الذي نتج عن الفوائد البنكية افعل ما تريد -وسيكون علي كدين لله، وإذا خشيت الموت أوصي به أن يخرج -أما الآن فلا.
ماذا علي أن أفعل في ذلك أيضا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالتجسس لا يجوز إلا لمنع منكر عند ظهور ريبة، فيجوز حينئذ، وقد بينا ذلك في الفتويين: 15454، 30115.
والذي عليك أن تسأل أمّك برفق وأدب عن أمر زواجها، وتبين لها أنّ الزواج الشرعي له شروط، وأركان لا يصحّ بدونها، وهي مبينة في الفتوى رقم: 96558.
فإن علمت أن زواجها باطل، أو أنها على علاقة غير مشروعة برجل، فلا يجوز لك السكوت على هذا المنكر، بل يجب عليك السعي في تغييره.

قال النووي-رحمه الله- في كلامه على حكم تغيير المنكر: " .. ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أولا يتمكن من إزالته إلا هو .. " شرح النووي على مسلم.

لكن عليك أن تنتبه إلى أنّ أمر الأم بالمعروف، ونهيها عن المنكر ليس كأمر غيرها ونهيه.

قال ابن مفلح –رحمه الله- : قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. الآداب الشرعية.
واعلم أنّ الزواج إذا استوفى الشروط والأركان الشرعية، فهو صحيح ولو لم يوثق في المحاكم، لكن توثيق الزواج وتسجيله في الدوائر الرسمية، صار في هذا الزمان من الحاجات الملحة التي يترتب على فواتها مفاسد عظيمة، وتضييع حقوق شرعية خطيرة؛ وانظر الفتويين: 61811،39313.
أما بخصوص الأموال التي حصلت لك من فوائد البنوك الربوية، فهي محرمة لا يجوز لك الانتفاع بها، إلا عند الضرورة، وليست حاجتك إلى الزواج من الضرورة التي تبيح لك الانتفاع بهذه الأموال المحرمة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 10959.
فالواجب عليك أن تتخلص من هذه الأموال المحرمة بصرفها في مصالح المسلمين، ولا طاعة لأمك في الانتفاع بهذه الأموال؛ لأن طاعة الوالدين إنما تكون في المعروف، وأما أصل المال فانقله إلى بنك يحافظ على الضوابط الشرعية في معاملاته؛ وراجع الفتوى رقم: 212407.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني