الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب الطبيب تجاه المريض حال احتمال شفائه ضئيلة

السؤال

أنا أحد طلاب الطب ومطلوب مني أخذ قرار في حالة طبية بصفتي سوف أمثل طبيبا مسلما, فما الحكم الشرعي في الحالة التالية, وأي قرار أختار؟ قريب لك أُصيب بعد حادث وقوع من مُرتفع وأصبح غير قادر على الحركة مع تلف في أجزاء من المخ مما أدى إلى منعه من القراءة والكتابة والكلام، وأمامك خياران: إما تركه كما هو مما سينتهي به إلى مفارقة الحياة، أو إعطائه بعض العلاجات التي ستكون مُكلفة ويأخذها فيما بقي من حياته، والنتيجة غير مضمونة وفي أحسن الحالات ستبقى إصاباته السابقة مع تحسن وقدرة جزئية على الكتابة والقراءة والكلام.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دام هناك سبيل للعلاج ولو احتمالا فلا يجوز للطبيب تركه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 176419.

ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 19923.

وقد صدرت عن المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي وثيقة معروفة بدستور الطب الإسلامي، جاء في باب حرمة الحياة الإنسانية: لحياة الإنسان حرمتها ولا يجوز إهدارها إلا في المواطن التي حددتها الشريعة الإسلامية، وهذه خارج نطاق المهنة الطبية تماماً، ويحرم على الطبيب أن يهدر الحياة ولو بدافع الشفقة، فهذا حرام، لأنه خارج ما نص عليه الشرع من موجبات القتل، بجانب ما يستدل عليه من قول رسول الله صل الله عليه وسلم: كان فيمن قبلكم رجل به جرح فجزع، فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات، فقال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة ـ البخاري ومسلم. التخلص من الحياة أو التخليص منها بدعوى الألم الشديد في الأمراض الميئوس من شفائها دعوة لا تجد سندا إلا في المنطق الإلحادي الذي يجعل مذهبه هو: إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا { الأنعام: 29} ويفوته أن الدنيا مرحلة تتلوها الأخرى، ولو صح هذا المنطق لربما كان أغلب الناس يفضلون الانتحار تخلصا من آلام الحياة ومتاعبها، وأي حياة تخلو من الآلام! أما التخلص من الألم فلا يوجد حتى في أقسى الأمراض ألما مما لا يمكن التغلب عليه إما بالدواء وإما بالجراحة العصبية... وحياة الإنسان محترمة في كافة أدوارها، وتنسدل هذه الحرمة على الحياة الجنينية في رحم الأم فلا يجوز للطبيب أن يهدر حياة الجنين إلا عند الضرورة الطبية القصوى التي تعتبرها الشريعة الإسلامية... والطبيب في دفاعه عن الحياة مطالب بأن يعرف حده ويقف عنده، فإذا تأكد لديه أن من المحال ـ حسب المعطيات العلمية ـ السلوك بالمريض إلى الحياة استحالة بينة فإن مما لا طائل وراء الإغراق في المحافظة على الكيان النباتي للمريض بوسائل الإنعاش الصناعية أو بحفظه مجمدا أو غير ذلك من وسائل، لأن المطلوب هو بقاء الحياة لا إطالة عملية الموت، ولأن الموت حق، ولكن ليس للطبيب أن يقوم بخطوة إيجابية من أجل إماتة المريض، وعلى الطبيب أن يبذل جهده في أن يجتاز المريض ما بقي له من العمر في حسن رعاية وفي غير ألم ولا عذاب، بما تهيأ له من وسائل الرعاية والعلاج... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني