الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإمام إذا أناب غيره وحكم التقدم عليه

السؤال

ما حكم التقدم على نائب الإمام بوجوده؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن كنت تعني التقدم على نائب إمام المسجد في الصلاة، أي أن الإمام أناب غيره ليصلي بالناس، فتقدم غير النائب، وصلى بالناس ... فإنه ينبغي النظر أولًا هل للإمام أصلًا أن ينيب غيره أم لا؟ وهذا يُنظر فيه إلى المسجد، هل هو من المساجد التي للإمام فيها أن ينيب غيره، أو من المساجد التي ليس لإمامها أن ينيب غيره؟
فإن كان من المساجد التي بناها الناس: فإن الإمام فيها ليس له أن ينيب غيره من تلقاء نفسه من غير مشورة لأهل المسجد, قال صاحب كشاف القناع: وَمَا بَنَاهُ أَهْلُ الشَّوَارِعِ الشَّوَارِعِ، وَالْقَبَائِلِ مِنْ الْمَسَاجِدِ، فَالْإِمَامَةُ فِيهِ لِمَنْ رَضُوا بِهِ لَا اعْتِرَاضَ لِلسُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ فِي أَئِمَّةِ مَسَاجِدِهِمْ .. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ إنْ غَابَ, قَالَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْجِيرَانِ لَهُ لَيْسَ وِلَايَةً، وَإِنَّمَا قُدِّمَ لِرِضَاهُمْ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رِضَاهُمْ بِهِ الرِّضَا بِنَائِبِهِ، كَمَا فِي الْوَصِيِّ بِالصَّلَاةِ عَلَى مَيِّتٍ بِخِلَافِ مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ، أَوْ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ صَارَ لَهُ بِالْوِلَايَةِ، فَجَازَ أَنْ يَسْتَنِيبَ, قَالَ الْحَارِثِيُّ: فَيُجْعَلُ نَصْبُ الْإِمَامِ فِي هَذَا النَّوْعِ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ، أَيْ: جِيرَانِهِ، وَالْمُلَازِمِينَ لَهُ, وَالْأَصَحُّ: أَنَّ لِلْإِمَامِ النَّصْبَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ، لَكِنْ لَا يُنَصِّبُ إلَّا بِرِضَا الْجِيرَانِ عِبَارَتُهُ: لَا يُنَصِّبُ إلَّا مَنْ يَرْضَاهُ الْجِيرَانُ ... اهــ.
وفي هذا النوع من المساجد إذا أناب الإمام غيره من غير رضا أهل المسجد: فإن لهم أن يقدموا من يرضونه، ولا كراهة في التقدم على من أنابه الإمام.

وأما المساجد التي بنتها الدولة، أو أوقفها أحد من الناس، وعُين فيها إمام راتب: فإن له أن يستنيب للعذر, ونائبه أولى بالإمامة من غيره, سواء كان الإمام موجودًا أم غائبًا, وقد نص الفقهاء على أن الإمام إذا أناب غيره، فإن نائبه يقدم على غيره، ويكون أولى بالإمامة, جاء في مطالب أولي النهى: وَيَسْتَنِيبُ مَنْ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ، أَوْ نَائِبُهُ إنْ غَابَ، وَيَصِيرُ نَائِبُهُ أَحَقَّ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، وَإِنْ غَابَ وَلَمْ يُقِمْ نَائِبًا؛ فَيُقَدَّمُ مَنْ رَضِيَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ؛ لِتَعَذُّرِ إذْنِهِ ... اهـــ

وفي الحال التي يكون نائب الإمام أولى: فإن التقدم عليه بدون إذنه مكروه, قال في الروض المربع: وتكره إمامة غير الأولى بلا إذنه. اهــ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني