الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في مجال أذية المسلم وقمعه وقتله

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:1-هل يمكن للعسكري المسلم أن يخضع لأي أوامر عسكرية من رؤسائه أن يطيع ما فرض عليه من توجيهات عسكرية وهي في بعض الأحيان لا تصب في مصلحة المجتمع الإسلامي المدني، كأن يقوم بالمراقبة والتجسس والقمع والقتال؟2-ماذا يستطيع أن يفعل هذا المسلم إذا كان محيطه العسكري فاسداً وهو مضطر أن يجتمع معهم حتى لا يلاحظوا خلفياته الإسلامية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا طاعة في معصية الله،إنما الطاعة في المعروف " متفق عليه.
فلا يجوز لمسلم أن يطيع غيره في فعل ما حرم الله من تجسس أو ظلم أو قتل سواء كان الأمر جهة عسكرية أو غيرها، ولو كان ذلك من قبل والديه أو لي أمره.
ومن أطاع غيره في ما حرم الله كان آثماً عاصياً لله تعالى يتحمل وزر ما أقدم عليه من عمل.
ولا أخسر صفقة من بيع دينه بدنيا غيره، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم.
وكل أذى من سب أو شتم أو ضرب أو غيره يبقى إثمه على صاحبه حتى يلقى ربه، ولو تاب منه، لكونه متعلقاً بحق المخلوق، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟" قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ: "إِنّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمّتِي، يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا. فَيُعْطَىَ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ. فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، قَبْلَ أَنْ يُقْضَىَ مَا عَلَيْهِ. أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ. ثُمّ طُرِحَ فِي النّارِ"
وروى البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كانت له مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه "
وروى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يُقاد للشاة الحلجاء من الشاة القرناء "
فإذا كان هذا القصاص يقع بين الشياه، فكيف بمن آذى المسلمين وأهانهم وقمعهم؟!!
وروى أحمد والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يجيء المقتول بقاتله يوم القيامة فيقول: سل هذا فيم قتلني؟ فيقول: قتلته على مُلك فلان "
وروى أحمد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ثكلته أمه، رجل قتل رجلاً متعمداً، يجيء يوم القيامة آخذاً قاتله بيمينه أو بيساره، وآخذاً رأسه بيمينه أو شماله، تشخب أوداجه دماً في قبل العرش يقول: يا رب! سل عبدك فيم قتلني؟ "
وفي رواية للترمذي والنسائي : " يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده، وأوداجه تشخب دماً فيقول: يا رب سل هذا فيم قتلني؟ حتى يدنيه من العرش " .
وإذا كانت طبيعة العمل تتطلب من المسلم القيام بشيء من هذه الأعمال وجب عليه تركه، والبحث عن عمل آخر مباح، قال الله تعالى: ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره ) [الطلاق:3]
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني