الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما حكم استخدام برامج تقوم بتكوين شخصية كرتونية مشابهة لصاحبها؟

السؤال

يوجد برنامج في الهواتف الذكية يُدعى (Bitstrips) يقوم الشخص فيه بتكوين شخصية كرتونية مشابهة لشكله، من حيث شكل الشعر، وطوله، ولونه، وكذلك شكل الوجه، ولون بشرته، وعينه، وعدة تفاصيل؛ لتجعل الصورة الكرتونية مشابهة لصاحبها، ثم بعد ذلك يشترك بها مع أصدقائه على البرنامج، ويستطيع وضع صورته مع صورة أحد أصدقائه المسجلين في البرنامج في عدة وضعيات، قد تكون مضحكة، وقد تكون جادة، وكلها نماذج من البرنامج نفسه الذي يقوم بتنزيل وضعيات جديدة بشكل يومي تقريبًا، ويكون عليها تعليق مثلًا: فلان يذاكر الآن، وتكون الشخصية الكرتونية تذاكر في الصورة، ويمكن أن يكون معه أحد أصدقائه في نفس الصورة، وهكذا، فما حكم تحميل، واستخدام مثل هذه البرامج للتسلية والمتعة بين الأصدقاء، خاصة للفتيات؟ حيث إنها تكون شخصية كرتونية مشابهة لشكلها، وتنشرها بين صديقاتها - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن رسم صور ذوات الأرواح محرم، كما بينا أدلته في الفتوى رقم: 14116، ويدخل فيه الرسم بالأجهزة الإلكترونية، وإدخال التعديلات على الصور عن طريق البرامج، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 124238، وهذا في الصور التامة.

وأما الصورة غير التامة - كأن تكون الصورة للرأس، والصدر فحسب، دون بقية الجسد، ونحو ذلك - فقد ذهب إلى إباحتها جمع من أهل العلم.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: المالكية لا يرون تحريم تصوير الإنسان، أو الحيوان - سواء أكانت الصورة تمثالًا مجسمًا، أو صورة مسطحة - إن كانت ناقصة عضو من الأعضاء الظاهرة مما لا يعيش الحيوان بدونه، كما لو كان مقطوع الرأس، أو كان مخروق البطن، أو الصدر.

كذلك يقول الحنابلة، كما جاء في المغني: إذا كان في ابتداء التصويرة صورة بدن بلا رأس، أو رأس بلا بدن، أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان، لم يدخل في النهي.

وفي الفروع: إن أزيل من الصور ما لا تبقى الحياة معه، لم يكره، في المنصوص، ومثله صورة شجرة، ونحوه، وتمثال، وكذا تصويره.

وهذا مذهب الشافعية أيضًا، ولم ينقل بينهم في ذلك خلاف، إلا ما شذ به المتولي، غير أنهم اختلفوا فيما إذا كان المقطوع غير الرأس، وقد بقي الرأس، والراجح عندهم في هذه الحالة التحريم.

جاء في أسنى المطالب، وحاشيته للرملي: وكذا إن قطع رأس الصورة، قال الكوهكيلوني: وكذا حكم ما صور بلا رأس، وأما الرؤوس بلا أبدان فهل تحرم؟ فيه تردد، والحرمة أرجح، قال الرملي: وهما وجهان في الحاوي، وبناهما على أنه هل يجوز تصوير حيوان لا نظير له؟ إن جوزناه، جاز ذلك، وإلا فلا، وهو الصحيح، ويشملهما قوله: ويحرم تصوير حيوان، وظاهر ما في تحفة المحتاج جوازه، فإنه قال: وكفقد الرأس فقد ما لا حياة بدونه. اهـ.

وبناء على هذا: فلا حرج في إدخال التعديلات على الصور غير التامة عن طريق البرامج، ونحوها، وإن كان الابتعاد عنها أسلم وأحوط، ويجب بكل حال ألا يكون استخدام الصور، أو التعليق عليها على وجه السخرية بمن لا يرضى بذلك، وإلا فلا ريب في أنها ممنوعة من هذه الجهة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني