الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدليل على مقدار زكاة المال

السؤال

أردت أن أعرف لماذا يتم احتساب زكاة المال 2.5%؟ ومن الذي وضع هذه النسبة؟ وعلى أي أساس؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن مقدار الزكاة في الذهب والفضة وما جرى مجراها من النقود ربع العشر ـ أي 2.5 % ـ وهذا التحديد جاءت به الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم, ومن ذلك حديث ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ ـ رضي الله عنهما ـ في زكاة دينار الذهب: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا فَصَاعِدًا نِصْفَ دِينَارٍ، وَمِنْ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا. رواه ابن ماجه.

ونسبة نصف الدينار للعشرين دينارا هي ربع العشر ـ أي 2.5 % ـ وكذلك حديث علي ـ رضي الله عنه ـ مرفوعا في زكاة درهم الفضة... فَإِذَا كَانَتْ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ ـ يَعْنِي فِي الذَّهَبِ ـ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ، فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ... رواه أبو داود.
وأيضا حديث أنس مرفوعا: وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ ـ أي في الفضة, والحديث رواه البخاري وغيره.

ولا خلاف بين العلماء في هذا, قال ابن قدامة في المغني: إذَا تَمَّتْ الْفِضَّةُ مِائَتَيْنِ، وَالدَّنَانِيرُ عِشْرِينَ، فَالْوَاجِبُ فِيهَا رُبْعُ عُشْرِهَا، وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ زَكَاةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ رُبْعُ عَشْرِهَا، فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ ـ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَاتُوا رُبْعَ الْعُشُورِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ ـ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ: هُوَ صَحِيحٌ عِنْدِي، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلَفْظُهُ: فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا ـ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا فَصَاعِدًا نِصْفَ دِينَارٍ، وَمِنْ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا. اهـ.

وأما على أي أساس؟ فإن كنت تعني بهذا ما الحكمة من هذا التحديد؟ فالجواب: أولا: أن المؤمن يعمل بما جاء به الشرع سواء أدرك الحكمة منه أم لم يدركها, وكثير من العبادات لا تعلم حكمتها على وجه اليقين كعدد الصلوات واختلاف عدد ركعاتها، وكون الطواف سبعا، والسعي سبعا، ورمي الجمار سبعا، وغير ذلك كثير، ولا مانع من أن يلتمس المسلم الحكمة من التشريع، وإنما الممنوع أن يتوقف عن العمل بالتشريع أو يشكك فيه ما لم يدرك الحكمة، ومادام الشرع جاء بتلك النسبة في الزكاة فلا شك أنها الأنسب لحال المزكي ولحال آخذ الزكاة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني