الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل عدم وجود حيوانات منوية عند الرجل من العيوب التي يجب إعلام الزوجة بها

السؤال

أنا شاب عمري 28سنة، أعاني من عدم وجود حيوانات منوية، وأريد الخطبة، فهل يجب مصارحة المخطوبة بذلك؟ مع العلم أن الطبيب قال لي: لا بد من أن تتزوج؛ لكي نكمل العلاج، وإنه يوجد حلول للإنجاب غير الطبيعي، وأنا أستطيع فعل ذلك - بإذن الله - فما الحل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبهك أولًا إلى أن رأس مالك هو الرضا بقضاء الله فيك، وكنزك القناعة بما منَّ عليك به من الصحة والهداية، وأكبر أملك في دعائه جل وعلا بالعافية والستر، إنه سميع قريب، ونسأل الله أن يبارك في شبابك بطاعته، وأن يرزقك الزوجة الصالحة، والذرية البارة.

وفي خصوص موضوع سؤالك: فإن العجز عن الإنجاب - العقم - مزمنًا كان، أو مؤقتًا ليس من العيوب التي يفسخ بها عقد النكاح، ما دام الشخص قادرًا على الجماع، ولا يجب إعلام المخطوبة به، بل يستحب، وهذا باتفاق الفقهاء خلافًا للحسن البصري، وابن القيم، ومن تابعهما، كالشيخ العثيمين، جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق جمهور الفقهاء على أن العقم ليس عيبًا يثبت به خيار طلب فسخ عقد النكاح إذا وجده أحد الزوجين في الآخر، ... ولكن يستحب لمن فيه العقم أن يعلم الآخر قبل العقد، ولا يجب عليه ذلك.

وهذا جار على طريقة عامة فقهاء المذاهب الأربعة من حصر عيوب النكاح في عيوب محددة، مختصة بأحد الزوجين، أو مشتركة، خلافًا لطريقة ابن تيمية، وابن القيم، وبعض المتقدمين في التوسع في ذلك؛ ليشمل كل ما يعتبر عيبًا منفرًا عرفًا، كالعمى، والعقم، قال الموفق في المغني محررًا هذه المسألة: وما عدا هذه فلا يثبت الخيار، وجهًا واحدًا، كالقرع، والعمى، والعرج، وقطع اليدين والرجلين؛ لأنه لا يمنع الاستمتاع، ولا يخشى تعديه، ولا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافًا، إلا أن الحسن قال:" إذا وجد الآخر عقيمًا يخير". وأحب أحمد أن يتبين أمره، وقال: "عسى امرأته تريد الولد" وهذا في ابتداء النكاح، فأما الفسخ فلا يثبت به، ولو ثبت بذلك لثبت في الآيسة، ولأن ذلك لا يعلم، فإن رجالًا لا يولد لأحدهم وهو شاب، ثم يولد له وهو شيخ، ولا يتحقق ذلك منهما، وأما سائر العيوب فلا يثبت بها فسخ عندهم. والله أعلم.اهـ

وهو ما جرت عليه الشبكة الإسلامية في الفتاوى التالية : 54859، 39980، 44849، وللتوسع في مدارك الطريقتين وأدلة القولين ينظر بحث الشيخ فضل زاده في الملتقى الفقهي للفوزان تحت اسم: العيوب الموجبة لفسخ عقد النكاح.

ولا شك أن ما ذهب إليه الإمام ابن القيم له حظ من النظر، وأحسم لمادة النزاع بين الزوجين، كما قررنا في الفتوى: 72834، ومن المستحب مراعاة الخلاف، فنوصي السائل الكريم أن لا يلجأ إلى كتمان علته عن المخطوبة، إلا إذا غلب على ظنه قبولها بعلته، وأكد الأطباء إمكان إنجابه، وإلا فالأولى أن يلتمس امرأة ترضى بحاله، أو تكون مثله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني