الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الاشتراك في قراءة القرآن عبر المنتديات يعتبر حلقة ذكر

السؤال

ورد عندي في المنتدى الموضوع التالي، فهل هذا يعتبر حلقة ذكر؟ وهل الدعاء مستجاب بعد أي طاعة بنص صريح؟
الموضوع: "تعالوا نشترك مع بعضنا، ونختار معًا أي سورة من المصحف الشريف، ونقرؤها مع بعض، ومن أكملتها تقول: إنها أكملت، وعندما ننتهي منها ندعو لبعضنا بظهر الغيب، ونؤمن أيضًا على دعاء بعضنا، وبذلك نكون قد عملنا حلقة ذكر، وقراءة على النت، ونكون قد استفدنا من الدعاء بعد الطاعة؛ لأن الدعاء مستجاب بعد أي طاعة".

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فظاهر الأدلة الواردة في مجالس أو حلق الذكر إنما تتناول المجتمعين عليه في مجلس واحد، لا من تفرقت أبدانهم في البلاد والبقاع، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة، فضلًا يتتبعون مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلسًا فيه ذكر قعدوا معهم، وحف بعضهم بعضًا بأجنحتهم حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، قال: فيسألهم الله عز وجل، وهو أعلم بهم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض يسبحونك، ويكبرونك، ويهللونك، ويحمدونك، ويسألونك، قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك، قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا أي رب، قال: فكيف لو رأوا جنتي؟! قالوا: ويستجيرونك، قال: ومم يستجيرونني؟ قالوا: من نارك يا رب، قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟! قالوا: ويستغفرونك، فيقول: قد غفرت لهم، فأعطيتهم ما سألوا، وأجرتهم مما استجاروا، فيقولون: رب، فيهم فلان عبد خطاء، إنما مر فجلس معهم! فيقول: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم. رواه البخاري، ومسلم، واللفظ له.

ففيه دليل على حصول الفضل لمن حضر المجلس، ولو لم يكن من أهله، بخلاف من كان من أهل الذكر، ولكن لم يحضر معهم مجلسهم، قال ابن حجر في فتح الباري: في الحديث فضل مجالس الذكر والذاكرين، وفضل الاجتماع على ذلك، وأن جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل الله تعالى به عليهم، إكرامًا لهم، ولو لم يشاركهم في أصل الذكر. اهـ.
وهنا نشير إلى أن الاجتماع على الطاعة والسنة في مكان واحد له أثر في حصول الفضل، ومما يدل على أن التقارب والاجتماع مقصود شرعًا، ما رواه أبو داود، وأحمد، عن أبي ثعلبة الخشني قال: كان الناس إذا نزلوا منزلًا تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان. فلم ينزل بعد ذلك منزلًا إلا انضم بعضهم إلى بعض؛ حتى يقال: لو بسط عليهم ثوب لعمهم.

وأما استجابة الدعاء بعد أي طاعة: فلا نعلم في ذلك نصًا صريحًا، ولكن من جملة أوقات وأحوال إجابة الدعاء التي ذكرها الدكتور سعيد القحطاني في كتاب شروط الدعاء وموانع الإجابة في ضوء الكتاب والسنة: عند اجتماع المسلمين في مجالس الذكر، وذكر تحته حديثين، أحدهما الحديث السابق، والثاني حديث: لا يقعد قوم يذكرون اللَّه عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم اللَّه فيمن عنده. رواه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني