الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اللحوم المستوردة المكتوب عليها (حلال)

السؤال

ما حكم أكل نقانق ساديا: فأنا دائما أحذر من أكلها. فما رأيكم؟
مكتوب عليها شعار: (حلال) لكن الكثيرين يقولون إنه كذب.
وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس كتابة كلمة حلال على المنتج أو عدم كتابتها يعد ضابطاً في جواز الأكل من هذا المنتج أو عدم جوازه، وإنما العبرة بما هو الحال في نفس الأمر، فإذا كان الذابح لهذا الدجاج، أو الأغنام، أو الأبقار أو غيرها من الذبائح مسلماً، أو كتابياً، والتزم في ذبحه بالضوابط الشرعية، فلا حرج في أكل ذبيحته، ولو لم يكتب عليها حلال، أو ذبح على الطريقة الإسلامية. وإذا لم ينضبط، فلا يجوز الأكل منها ولو كتب عليها حلال، أو ذبح على الطريقة الإسلامية، وسبيل معرفة ذلك هو سؤال أهل الخبرة في ذلك، وخاصة المراكز الإسلامية الموجودة في البلد.

وإذا استفاض الخبر بكون لحوم هذه النقانق لا تذكى بطريقة شرعية، بحيث يغلب على الظن صدق ذلك، فيجب حينئذ الاحتياط بعدم أكله استبراءً للدين. قال الشيخ الدكتور ـ صالح الفوزان ـ في بحث له بعنوان: الذكاة الشرعية وأحكامها. نشر في مجلة البحوث الإسلامية: عن اللحم الذي لم تعلم كيفية ذكاته على وجه اليقين، وتدور حوله شكوك قوية في أنه يذبح على غير الطريقة الشرعية، قال: هذا قد اختلفت فيه آراء العلماء المعاصرين على قولين: القول الأول: أنه مباح، عملا بالآية الكريمة: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ. والأصل في هذه الذبائح الإباحة، إلا إذا علمنا أنها ذبحت على غير الطريقة الشرعية.

القول الثاني: أن هذا النوع من الذبائح حرام؛ لأن الأصل في الحيوانات التحريم، فلا يحل شيء منها إلا بذكاة شرعية متيقنة، تنقلها من التحريم إلى الإباحة، وحصول الذكاة على الوجه الشرعي في هذه اللحوم مشكوك فيه، فتبقى على التحريم؛ لأنه اشتهر من عادتهم أو عادة أكثرهم الذبح بالخنق، أو بضرب الرأس، أو بالصعق الكهربائي.

وهذا القول هو الذي يترجح عندي؛ لقوة مستنده، وليس مع مخالفيه من مستند سوى التمسك بعموم قوله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ. وهذا العموم يخصص بالنصوص التي تدل على أنه إذا تنازع حاظر ومبيح، غلب جانب الحظر، وقولهم: الأصل في ذبائح أهل الكتاب الحل. يعارض بأصل أقوى منه، وهو أن الأصل في الذبائح التحريم إلا ما ذبح على الطريقة الشرعية؛ ولهذا يقول الفقهاء: لو اشتبهت ميتة بمذكاة، لم يأكل من الاثنين. وأيضا يستبعد أن تأتي الذكاة الشرعية على جميع هذه الكميات الهائلة التي تذبح وتغلف آليا، لا سيما وأنه يوجد من بينها أحيانا بعض الدجاج برؤوس لم يقطع شيء من رقابها. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 129341، 137887.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني