الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ميراث وراتب تقاعد من كان يعمل في شركة دخان تابعة لقسم الدفاع المدني

السؤال

والدي كان يعمل في قسم الإطفاء، والدفاع المدني، في الشركة الشرقية للدخان في مصر، وأحيل على المعاش منذ سنوات، واشترى لنا بيتا أكملنا بناءه أنا وإخوتي.
توفي والدي ووالدتي، وأختي الصغرى غير المتزوجة تستحق معاش والدي.
أختي المتزوجة تقول إن عمل والدي كان حراما، وما ترتب على ذلك من ميراث ( منزل، ومعاش ) كله حرام، ووالدي سيعذب بهذا الميراث إن أخذناه.
أرجو الإفادة: هل كلام أختي صحيح؟
وماذا نفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان قسم الدفاع المدني الذي كان يعمل به المورث، ويحصل منه ورثته، أو بعضهم على معاش، قسما من أقسام الدفاع المدني التابع للدولة، وإنما أضيف لشركة الدخان لكونه قريبا منها ونحوه، فلا حرج على ورثته في الانتفاع بما تقدمه جهة عمله من معاش سواء أكان المعاش من مستحقات الميت أو هبة من جهة العمل، كما لا حرج في الانتفاع بمال المورث.

وكذلك لو كان قسم الدفاع الذي كان يعمل به المتوفى يتبع لشركة الدخان، غير أنه كان يجهل حرمة العمل في ذلك، أو قلد من يسوغ تقليده فأفتاه بجوازه، ونحوه، فلا حرج على الورثة حينئذ في الانتفاع بما اكتسبه منه مورثهم، أووهب له.

جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي ما يلي: فصل: التعامل فيما يختلف الاعتقاد فيه من حلال المال وحرامه. إذا اكتسب الرجل مالا بوجه مختلف فيه مثل بعض البيوع والإجارات المختلف فيها، فهل يجوز لمن اعتقد التحريم أن يعامله بذلك المال؟ الأشبه أن هذا جائز فيما لم يعلم تحريمه؛ إذ هذه العقود ليست بدون بيع الكفار للخمر، وقد جاز لنا معاملتهم بأثمانها للإقرار عليها، فإقرار المسلم على اجتهاده أو تقليده أجوز، وذلك أنه إذا اعتقد الجواز واشترى، فالمال في حقه معفو عنه، وكذلك لو انتقل هذا المال إلى غيره بإرث، أو هبة، أو هدية أو غير ذلك. وعلى هذا يحمل ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه: لك مهنؤه وعليه مأثمه، وبذلك أفتيت في المال الموروث، وكذلك قبول العطاء الموروث إذا كان الميت يعامل المعاملات المختلف فيها. انتهى.

وإن كان يعمل في هذا القسم مع علمه بتحريم العمل، فقد أثم واكتسب حراما، لكن لورثته الانتفاع بهذا المال في قول بعض أهل العلم بناء على أن المحرّم لكسبه حرام على الكاسب فقط لا على من انتقل إليه بوجه مباح كالهبة أو الإرث.

جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل: وَاخْتُلِفَ فِي الْمَالِ الْمُكْتَسَبِ مِنْ حَرَامٍ كَرِبًا، وَمُعَامَلَةٍ فَاسِدَةٍ إذَا مَاتَ مُكْتَسِبُهُ عَنْهُ. فَهَلْ يَحِلُّ لِلْوَارِثِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمْ لَا؟ وَأَمَّا عَيْنُ الْحَرَامِ الْمَعْلُومِ مُسْتَحَقَّةٌ كَالْمَسْرُوقِ، وَالْمَغْصُوبِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ، وَوَارِثُهُ إنْ عَلِمَ كَهُوَ. اهـ.

وينبغي طرح المسألة على أولي العلم هناك لكونهم أدرى بحال قسم المطافئ وعمله، وغير ذلك مما هو مؤثر في الحكم على كسب ذلك الموظف، وموقف الورثة منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني