الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تقديم طلب مفقودات أكثر من الواقع بهدف الحصول على تعويض من الدولة

السؤال

أنا من ليبيا، والدولة تعطي تعويضات عن المسروقات، وقد قدمت طلبًا، وبما أنني لست ليبيًا، فالدولة لا تعوضني، ولكن زوجتي ليبية، وقد سرقت مني بضاعة من المحل، وبعض الأشياء من بيت أهلي الذين أسكن معهم، وسرقت بطاقات هاتف بقيمة 350 دينارًا، وسرقت من أخي قطعة ذهب، وبعض الأشياء الأخرى، وعندما ملأت النماذج الخاصة بالمفقودات، كتبت أن المسروق طقم ذهب، وللعلم فإن صديقي هو من قدم الأوراق، ولا أعرف ما هي المسروقات المسجلة، وبعد فترة تعرفت إلى المكتوب في النماذج، فهل القيمة التي سآخذها حلال أم حرام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكتابة مفقودات غير حقيقية، يعتبر غشًّا، وخداعًا، وأكلًا لأموال الناس بالباطل، فيحرم ذلك، سواء كنت أنت من فعله أم فعله أخوك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: إن رجالًا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة. رواه البخاري.

فلا يجوز فعل ذلك، والواجب تداركه إن أمكن ذلك بتعديل الطلب، وكتابة ما فقد دون زيادة، وإن لم يمكن تدارك ذلك، وأمكن معرفة ما يساوي تلك الزيادة المكتوبة بغير حق، فالواجب رد الزائد إلى الجهة المسؤولة إن أمكن ذلك، وإلا فيصرف مقابلها في مصالح المسلمين العامة، كالمستشفيات، والمدارس، والطرق، أو يدفع للفقراء والمساكين.

وإن لم يمكن معرفة ما يقابل تلك الزيادة: فاجتهد في إخراج ما يغلب على الظن براءة الذمة به، ويصرف وفق ما بيناه سابقًا، وقال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (3/ 366) عند تفسيره لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {البقرة:278}: "قُلْتُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا إِنَّ سَبِيلَ التَّوْبَةِ مِمَّا بِيَدِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَرَامِ إِنْ كَانَتْ مِنْ رِبًا فليردها على من أربى عليه، ومطلبه إِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ عَنْهُ. وَإِنْ أَخَذَهُ بِظُلْمٍ فَلْيَفْعَلْ كَذَلِكَ فِي أَمْرِ مَنْ ظَلَمَهُ. فَإِنِ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَلَمْ يَدْرِ كَمِ الْحَرَامُ مِنَ الْحَلَالِ مِمَّا بِيَدِهِ، فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى قَدْرَ مَا بِيَدِهِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ، حَتَّى لَا يَشُكَّ أَنَّ مَا يَبْقَى قَدْ خَلَصَ لَهُ فَيَرُدُّهُ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي أَزَالَ عَنْ يَدِهِ إِلَى مَنْ عُرِفَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ أَوْ أَرْبَى عَلَيْهِ. فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ." انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني