الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التأمين وشراء الأسهم

السؤال

خصصت الجزائر أموالا معتبرة من أجل دعم الفلاحة في البلاد وكلفت مؤسسة مختصة في الفلاحة بتوزيعهذه الأموال واشترطت هذه المؤسسة شرطين أساسيين1 يجب التأمين على هذا المشروع2 يجب الدخول في هذه المؤسسة بشراء أسهم منهاعلما بأن هذه المؤسسة لها صبغة بنكية.أفتونا مأجورين حبذا مع استظهار الأدلة على كلحكم للحاجة الماسة لذلك علما بأن الأموال التييستفيد منها الفلاح لا يرجعها للدولة لأن هذه الأموال دعم من الدولة للفلاحة في الوطنوهذه الأموال تقدر ب 50"أو70" من قيمة المشروع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإذا كان من حق المواطن على الدولة أن توفر له الدعم المادي والمعنوي للقيام بواجبه في التنمية، فإن من حقه عليها أن تقوم بذلك وفق دينه ومقتضيات عقيدته.
والمعاملة التي سأل عنها السائل الكريم تتألف من عدة نقاط تحتاج كل نقطة منها لتصورها والحكم عليها والنقاط هي:
الأولى: مساعدة الفلاحين إذا جاءت في شكل هبة أو منحة فهذا جائز شرعاً لا غبار عليه؛ بل هو من حق المواطن وواجب الدولة، أما إذا كان ذلك في شكل قرض فلا مانع منه أيضاً لكن بشرط ألا تكون فيه زيادة أو منفعة، وإذا كانت فيه زيادة مشترطة أو منفعة أخرى للمقرض فإنه يحرم.
قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية.. أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.. وقد نهى ابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس عن القرض الذي يجر منفعة.
انتهى من تعليقات ابن القيم على سنن أبي داود.
الثانية: التأمين على المشروع: فمن المعلوم أن التأمين نوعان:
النوع الأول: هو التأمين التقليدي الذي نشأ في بلاد الغرب ويعمل به في كثير من بلاد المسلمين، وصورة هذا النوع أن يدفع المؤمن له قسطا ثابتاً لجهة التأمين، وتتعهد هذه الجهة بدفع مبلغ معين عند الخطر أو تسديد الخسارة وتغطيتها حسب العقد بينهما، وهذا النوع من التأمين لا يجوز شرعاً لأنه ميسر محض، وقد قرن الله جل وعلا الميسر بالخمر والأنصاب والأزلام فقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (المائدة:90)
أما النوع الثاني من أنواع التأمين: فهو تأمين تعاوني وصورته أن يتفق عدة أشخاص على أن يدفع كل واحد منهم اشتراكاً معيناً لتعويض الأضرار التي قد تصيب أحدهم.. وربما تستثمر هذه الأموال في الأعمال المباحة التي تعود بالأرباح على الجميع، وهذا النوع من التأمين يقصد منه التعاون على البر والمواساة، وهو من عقود التبرعات، ولا مانع منه شرعاً بل هو الحل الأمثل والبديل الشرعي عن التأمين المحرم.
فإذا كان التأمين المطلوب على المشروع من هذا النوع فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى.
الثالثة: الدخول في المؤسسة بشراء بعض الأسهم منها: فهذه المؤسسة إن كانت لا تتعامل بالربا، وتستثمر أموال المشاركين في المعاملات الحلال فلا حرج في الدخول فيها والمشاركة معها.
أما إذا كانت تتعامل بالربا أو تودع أموال المشاركين في البنوك الربوية لغير ضرورة فهذا لا يجوز، ولا تجوز المشاركة فيها.
فتحريم الربا غليظ وعقوبته شديدة، وذلك لخطورته على الاقتصاد والمجتمع والأفراد.
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) (البقرة:278-279) وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه. وقال: هم في الإثم سواء " رواه مسلم.
والحاصل: أنه لا مانع من أخذ المساعدة من الدولة ما لم يكن فيها زيادة عند الرد، ولا مانع من التأمين على المشروع إذا كان التأمين من النوع التعاوني، ولا مانع من المساهمة في المؤسسة إذا كانت تستثمر الأموال وفق الشريعة الإسلامية، وإذا كان العكس فإن ذلك لا يجوز.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني