الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التعامل مع التجار الكفار بالأقساط، وهل التجارة مستحبة؟ وكم نسبة الربح المشروعة؟

السؤال

قررت أن أبدأ مشروعًا - التجارة في الملابس - بحيث أشتري الملابس من تجار الجملة، وأضيف عليها نسبة ربح، وأبيعها للمستهلك، ولكني تعرفت إلى تاجرة مسلمة، واستفسرت عن أسعارها، وفي نفس الوقت تعرفت إلى تاجرة نصرانية، ولكن أسعارها أقل من أسعار التاجرة المسلمة؛ ومن ثم سيكون مكسبي أكبر، ومع ذلك فهي تاجرة أكبر، ووكيلة لإحدى الماركات.
1-فهل يجوز التعامل مع التاجرة النصرانية؟
2-هل مشروع التجارة مستحب؟
فلقد صليت الاستخارة، ولا أعلم هل أستمر في الموضوع أم لا؟
3-هل يجوز التعامل بالأقساط؟
4-هل هناك نسبة ربح محددة أزيدها على أسعار الجملة لبيعها للمستهلك - جزاكم الله كل خير -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن التعامل مع الكفار بيعًا وشراء مباح من حيث الأصل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل الكفار، كما في الصحيحين عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر اليهود: أن يعملوها، ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها.

وفي الصحيحين عن عائشة، قالت: اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعامًا بنسيئة، فأعطاه درعًا له رهنًا.

فلا حرج في التعامل مع تاجرة نصرانية؛ وانظري الفتوى رقم: 5591.

وأما هل مشروع التجارة مستحب أم لا؟ فيقال: إن التجارة نوع من أنواع الكسب، والاكتساب، وطلب المال يختلف حكمه باختلاف الأشخاص، والأحوال.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الفقهاء إلى أن الاكتساب فرض على المحتاج إليه، إذا كان قادرًا عليه؛ لأنه به يقوم المكلف بما وجب عليه من التكاليف المالية، من الإنفاق على النفس، والزوجة، والأولاد الصغار، والأبوين المعسرين، والجهاد في سبيل الله، وغير ذلك.

ويفصل ابن مفلح الحنبلي حكم الاكتساب بحسب أحوال المكتسب، وخلاصة كلامه: يسن التكسب مع توفر الكفاية للمكتسب، قال المروزي: سمعت رجلًا يقول لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: إني في كفاية، قال الإمام أحمد: الزم السوق تصل به رحمك، وتعد به على نفسك، ويباح التكسب لزيادة المال، والجاه، والترفه، والتنعم، والتوسعة على العيال، مع سلامة الدين، والعرض، والمروءة، وبراءة الذمة، ويجب التكسب على من لا قوت له، ولمن تلزمه نفقته، وعلى من عليه دين، أو نذر طاعة، أو كفارة. اهـ.

وقد بينا فضل التجارة عمومًا في الفتوى رقم: 238171، وانظري للفائدة حول الاستخارة الفتوى رقم: 123457.

وأما البيع بالتقسيط: فهو جائز من حيث الأصل، ولا حرج في زيادة سعر السلعة المباعة بأجل عن ثمن شرائها، أو عن سعرها حالّة، فالمشترط هو أن يتم التعاقد بين البائع والمشتري على سعر محدد معلوم.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين: ما رأي الدين في البيع والشراء بالتقسيط، علمًا بأن سعر البيع في حالة التقسيط يكون أزيد من البيع واستلام المبلغ الفوري؟
فأجاب: هذا لا بأس به بإجماع أهل العلم: أن الإنسان إذا اشترى السلعة لحاجته إليها بثمن مؤجل، سواء كان يحل دفعة واحدة، أو يحل على دفعات، فإنه لا بأس بذلك.

وقد حكى غير واحد من أهل العلم إجماع العلماء على حله.

ومن المعلوم أنه إذا كان بالتقسيط فسيزيد ثمنه؛ لأن البائع لا يبيع شيئًا يؤجل ثمنه مساويًا لشيء ثمنه منقود، وهذا من الأمور التي من محاسن الشريعة حله؛ لأن البائع ينتفع بزيادة الثمن، والمشتري ينتفع بتأجيل الثمن عليه. اهـ.

وراجعي لمزيد الفائدة حول الضوابط الشرعية لبيع التقسيط الفتوى رقم: 4243 .

وليست هناك نسبة محددة للربح في الشرع، فللبائع أن يأخذ نسبة الأرباح التي يريدها ما لم يكن هناك غش، أو تغرير بالمشتري؛ وانظري الفتوى رقم: 7961 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني