الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الطلاق بسبب النفور من الزوجة

السؤال

أنا رجل في الرابعة والثلاثين من عمري، تزوجت حديثًا من امرأة ذات دين وخلق، ومثقفة، وتعمل مثلي، ومن عائلة طيبة جدًّا، ومحترمة، وعندما رأيتها أرسلت لها بأني أريدها لمقصد شريف؛ لأنها أعجبتني، وتعرفت إليها، وخلال خمسة أشهر تمت الخطبة، ثم اقترحت عليها الزواج، وتزوجنا، وحدث لي كل ذلك بتلك السرعة، لكنني كنت سعيدًا جدًّا بها؛ لأنها جميلة، ولكل المواصفات التي ذكرتها أعلاه, لكن ما إن رأيتها في أول ليلة حتى نفرت منها كثيرًا، وإلى اليوم لا أعرف ماذا حدث لي، ويقول لي الجميع: إنها جميلة، أما أنا فأراها غير ذلك، وجسمها ليس كما كنت أرغب وأحلم، وشعرت بنفوري منها من أول يوم من أيام الزواج، وكانت تخفي في البداية، وتتظاهر ألا شيء يحدث، وتحاول التقرب مني، لكنها بدأت تتحسس من الأمر، خاصة أنني لا أقترب منها كثيرًا، ولا أطيق حتى وجودها بجانبي، ولم تكن تملأ عيني، ولا تشبع رغباتي الجنسية، ولا أشتهيها إلا نادرًا، مع العلم أننا كنا نمارس العلاقة الزوجية بانتظام، وكنت أحاول أن أجبر نفسي كي لا أؤذيها، لكنني سرعان ما أنتهي وأتركها، لا أنكر أبدًا أنها كانت تفعل ما بوسعها لتبدو جميلة: فتلبس أفضل ما لديها، وتتجمل دائمًا، وتتعطر، وهي امرأة نظيفة إلى أبعد حد، حريصة دائمًا على نظافتي، ونظافة المنزل، وبعد أربعة أشهر ونحن على هذه الحال صارحتها بالحقيقة التي أبكتها كثيرًا، وقلت لها: إنني لم أحبها يومًا، وإنني لا أشعر تجاهها إلا بالنفور والضيق، وإننا لم نلتقِ مدة طويلة قبل الزواج، ولم أتعرف إليها جيدًا، وأشعر أنني استعجلت كثيرًا، فطلبت مني أن نحاول من جديد، وأنها ستجعلني أحبها، لكنها لم تفلح، وبعد شهر طلبت منها أن نبتعد قليلًا عن بعضنا: بأن تذهب إلى أهلها، فوافقت على مضض، رغم رفضها في البداية، ورغم رفض أهلي الذين يحبونها كثيرًا، وعادت إلى بيت أهلها، وافترقنا، وما إن خرجت من البيت حتى شعرت براحة كبيرة، وقررت أخيرًا أن ننفصل نهائيًا، وقمت - بناء على طلبها - بعمل رقية، لكنني - الحمد لله - لست مسحورًا، ولا معيونًا، فأنا لا أحبها فقط، ولا أطيقها، وما عدت أريدها، وقررت تطليقها، وحاولت كثيرًا أن تثنيني عن الأمر، لكنني مصر، وأريد أن أفهم الحكم في هذا، وهي تقول: إنني أظلمها، فهل أنا بالفعل أظلمها؟ وعليّ أن أذكر أنها لا تشكو من أي عيب خلقي، وهي نحيفة في جزئها العلوي خاصة، لكنها لا تشكو من أي خلل آخر، لا خَلْقًا، ولا خُلقًا، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق في الأصل مبغوض في الشرع، ولا ينبغي أن يصار إليه إلا بعد تعذّر جميع وسائل الإصلاح، لكنه إذا كان لحاجة، فهو مباح لا كراهة فيه.

قال ابن قدامة - رحمه الله - عند كلامه على أقسام الطلاق: والثالث: مباح، وهو عند الحاجة إليه؛ لسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها، والتضرر بها من غير حصول الغرض بها.

لكن الذي ننصحك به ألا تتعجل في طلاق زوجتك، وأن تراجع نفسك، وتنظر إلى الجوانب الطيبة في زوجتك، فلعل الله يجعل لك فيها خيرًا؛ قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19}.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِي مِنْهَا آخَرَ. رواه مسلم.

قال النووي - رحمه الله -: أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ، وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ، لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ، أَوْ جَمِيلَةٌ، أَوْ عَفِيفَةٌ، أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ.

وننصحك بالمحافظة على الأذكار المسنونة، والرقى المشروعة، ولا بأس أن تعرض نفسك على الثقات من الرقاة المعالجين بالقرآن .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني