الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التخلص مما اشتري بالمال المكتسب من عمل محرم تاب الشخص منه

السؤال

عمري 20 سنة، منذ سنتين قررت أن أعمل بعد الثانوية العامة، فعملت في سوبر ماركت، وكنا نبيع سجائر، ومعسل، مع المواد الأخرى، واستمررت على ذلك لمدة سنة ونصف تقريبًا، وبعد ذلك بدأت أعرف أن السجائر حرام، فتركت العمل، وعملت في مكان ليس فيه سجائر، والمشكلة أني مررت بأيام صعبة، فهناك شيء ما في دماغي قال لي: لا بد أن أتخلص من كل اللباس، والكتب، والأجهزة، والهاتف المحمول، وكل شيء اشتريته فلا بد أن أتخلص منه؛ لدرجة أني كنت ألبس ملابس قديمة بعد أن تخلصت من كل ملابسي، ولم يتوقف الوسواس عندما عملت في محل جبن، وألبان، وفي يوم نسيت ولبست ملابس من التي كنت قد اشتريتها بمال السوبر ماركت، فتخلصت من كل المال، وذات مرة أكلت من مال كان عندي، وأيضًا قلت: لا، وأشياء كثيرة مثل هذا، وحياتي دمرت، ولا يوجد شيخ يستطيع أن يفيدني بدقة، وأنا حقًّا أموت كل يوم، ولم أذق طعم السعادة منذ سنتين، والسؤال هنا: كيف أتخلص من شبهة المال؟ وهل أتخلص من الملابس التي اشتريتها، والأشياء التي اشتريتها كلها؟ ولو لبست ملابس من حرام، أو كنت قد اشتريتها بمال مشبوه، وعملت بها في عمل معين، حلال، فما حكم المال الذي سآخذه من هذا العمل؟ ولو أكلت أكلًا حرامًا، أو مشبوهًا، وعملت، فما حكم العمل والمال بما أني استخدمت الأكل كوسيلة؟ أرجو الرد، وآسف لأني أطلت، لكن أتمنى أن تعرفوا قدر التعب الذي أعانيه، وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يلبسك ثوب الصحة والعافية، ويشفيك مما تجد، فالوسواس داء خطير، إن استمرأه المرء، ولم يعرض عنه، كدر صفوه، ونغص عيشه، وأفسد عليه دينه، وقد يحول حياته إلى جحيم، وهو من الشيطان الرجيم، وحكمه وعلاجه ألا يلتفت إليه مهما كان، بل يستعيذ بالله منه عندما يخطر بالبال، ويعرض عنه، ولا يلتفت إليه، وللفائدة حول علاجه انظر الفتويين: 3086 - 51601.

وأما تخلصك مما اشتريته بالمال المكتسب من عملك السابق الذي تبت منه، وكففت عنه، فلا يلزمك، ويجوز لك الانتفاع به؛ لأنك لم تكن تعلم حرمة بيع السجائر، ولما علمت بذلك كففت عن بيعها، كما أن عملك لم يكن منحصرًا في بيعها، بل هي مجرد سلعة من جملة سلع المحل فحسب.

وعلى كل، فالأمر كله مجرد وسوسة من الشيطان، فاصرف نظرك وفكرك عنها، وأقبل إلى عملك وحياتك، وتجنب الخلوة والفراغ، وما يهيج تلك الوساوس، وانتفع بثيابك، وغيرها مما اكتسبته من عملك السابق، ولو شئت التصدق بذلك لعدم حاجتك إليه، فلا حرج في ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني