الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعامل مع الزوج أو الأب الذي لا ينفق وينهى عن الصلاة ويسيء الظن

السؤال

والدي لا ينفق على والدتي أبدًا، ويقول: إنه لا يحق له أن ينفق عليها، وأنه ليس ملزمًا بذلك، ويطالبها بأداء حقوقه كاملة، ووالدتي تؤدي حقوقه كاملة, لكن مؤخرًا والدتي هجرت فراشه لأسباب منها: أن والدتي تتأذى وتتضرر من فراشه لكبر سنه - 80 عامًا -، ولديه أيضًا التهاب البروستاتا مما سبب له عجزًا، أو كما تقول والدتي: "ليس لديه أي رغبة، فهو لا يملك شيئًا" وبسبب ذلك والدتي تعبت نفسيًا، كما أنه يسيء إليها بقوله: لم أتزوجك إلا من أجل الفراش، ولا يطلبها بأدب, ويطالب والدتي أيضًا بعدم الصلاة، وإذا رآها تصلي يقول: لا تقبل الله منك، وعندما تستأذنه للصوم يوافق، ثم يعود بعدها بفترة ويقول: لا سامحك الله؛ لأنني لم آذن لك، كما أنه يدعو عليها، ووالدتي لم تقصر في أي حق من حقوقه، ولم تسئ إليه طوال فترة زواجها منذ 30 عامًا, حتى إنه مؤخرًا بدأ يشك فيها، ويقول: سأشكوكِ في المحكمة لأنك على علاقة غير شرعية، وهذا أيضًا أحد الأسباب التي جعل والدتي تترك فراشه، كما أنه يقول لها: إن المرأة الشريفة، العفيفة لا تخرج من المنزل، فما رأيكم في ما يفعله والدي؟ وهل على والدتي شيء؟ علمًا أن والدي لا يستمع لنصح أحد، ويرى أنه على صواب، والجميع مخطئ، وإذا بدأنا بنصحه يقول: أنتم موسوسون، ولديكم غلو في الدين، وأصبحت تصرفات والدي مع والدتي، ومعنا لا تطاق، لكن أن يدعو على والدتي وعلينا أيضًا، ويشك فينا جميعاً، فهذا أمرٌ لا يُحتمل، فماذا نفعل معه - جزيتم كل الخير -؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن حقّ الزوجة على زوجها أن ينفق عليها بالمعروف، وإذا امتنع من الإنفاق الواجب، فمن حق زوجته أن تأخذ من ماله قدر حاجتها بغير علمه، فإن لم تقدر على ذلك، فلها رفع أمره للقاضي ليلزمه بالإنفاق، أو الطلاق - إن أرادت الزوجة -.

قال ابن قدامة - رحمه الله -: فإن منع النفقة مع يساره، وقدرت له على مال، أخذت منه قدر كفايتها بالمعروف؛ لما روي أن هندًا جاءت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه. وإن منعها بعض الكفاية، فلها أخذه، للخبر، ولها أن تأخذ نفقة ولدها الصغير، للخبر، فإن وجدت من جنس الواجب لها، أخذته، وإن لم تجد، أخذت بقدره من غيره متحرية للعدل في ذلك، فإن لم تجد ما تأخذه، رفعته إلى الحاكم؛ ليأمره بالإنفاق، أو الطلاق. الكافي في فقه الإمام أحمد.

وأما إجابة الزوج إذا طلب المعاشرة، فالواجب على المرأة طاعة زوجها في الاستمتاع، ولا يجوز لها الامتناع ما لم يكن لها عذر، كمرض، أو حيض، أو صوم واجب، أو ضرر يلحقها من الجماع، وإلا تعرضت للوعيد الشديد، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه.

ولا تعذر المرأة في عدم إجابة زوجها للفراش بكبر سنّ زوجها، أو كبر سنّها، أو إساءته إليها ما دامت مطيقة للوطء، غير متضررة به.

وقد ذكر بعض الفقهاء أن الزوجة إذا رضيت بالبقاء مع زوجها الذي لا ينفق عليها، فمن حقها أن تمنعه حق المعاشرة.

قال ابن قدامة الحنبلي: إذا رضيت بالمقام مع ذلك - عدم الإنفاق - لم يلزمها التمكين من الاستمتاع. المغني.

وإذا كان أبوك يمنع أمّك من الصلاة، فهو على خطر عظيم، ولا طاعة له في ذلك، وأما صوم التطوع فمن حقه منعها منه لحاجته، وانظري الفتوى رقم: 133721

وإذا كان أبوك يسيء إلى أمك على الوجه المذكور، ويتهمها بفعل الحرام دون حق، فهو مسيء إساءة عظيمة، فالواجب عليكم نصحه، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر برفق وأدب، فإن نصح الوالدين ليس كغيرهما.

وعلى أية حال، فإن عليكم بر أمكم، وبر أبيكم مهما أساء؛ وانظري الفتوى رقم: 134356.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني