الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منازل أهل الجنة ليست سواء، ونقاء المتوضئ من ذنوبه

السؤال

هناك حديث معناه أن المرء إذا توضأ، فنزلت القطرات من أثر الوضوء، فإنه يغفر له مع كل قطرة، أو كما في الحديث.
فهل إذا توضأت، وكان الماء لا زال يقطر من وجهي، ثم عندما فرغت من الوضوء غسلت جهي ثانية، فزادت كمية الماء النازل من وجهي. فهل هذا يؤثر؟ وهل يعتبر من الماء الذي إذا سقط يغفر لي مع كل قطرة؟
وسؤالي الثاني والأخير هو: هل البيوت في الجنة تختلف؛ لأن هناك أعمالا يسيرة تجعل لك بيتا في الجنة، وهناك أعمال أخرى مثل صلاة 12 ركعة نافلة في اليوم أيضا ثوابها بيت في الجنة. فهل هناك بيت أفخم من بيت آخر؟
أرجو أن تردوا على أسئلتي.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالحديث الذي أشرت إليه أولا في الوضوء، رواه مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُؤْمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، خَرَجَتْ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنِهِ مَعَ الْمَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ أَوْ نَحْوَ هَذَا. فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ، خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ بَطَشَ بِهَا مَعَ الْمَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ، حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنْ الذُّنُوبِ. اهــ.

وهذا في ماء الوضوء -كما هو ظاهر- فإذا غسلت وجهك بعد الانتهاء من الوضوء، فلا يقال إن الذنوب تخرج مع تلك القطرات؛ لأنها ليست من ماء الوضوء, والحديث جاء في قطرات الوضوء.

وأما منازل الجنة فإنها كلها طيبة - نسأل الله أن يجعلنا من أهلها - كما قال تعالى عنها: وَمَسَاكِنَ طَيّبَةً فِي جَنّاتِ عَدْنٍ {التوبة : 72 }.

جاء في تفسير أبي حيان: دور في جنات عدن، مختلفة في الصفات باختلاف حال الحالين بها ... اهــ.

ولا شك أن هذه المساكن تختلف باختلاف منزلة ساكنها, فقد وُصِفَ بعضُها بأنها مبنية من ذهب؛ كما في قصر عمر بن الخطاب الذي أعده الله له في الجنة؛ ففي البخاري مرفوعا: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَدْخُلَهُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِلَّا مَا أَعْلَمُ مِنْ غَيْرَتِكَ.

ووصف بعضها بأنه من لؤلؤ كما في حديث: إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ في الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَة مُجَوَّفَة، طُولُهَا سِتُّونَ مِيلاً، لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُ، فَلاَ يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا. متفق عليه. ولهما أيضا: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّىَّ الْغَابِرَ مِنَ الأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لاَ يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ. قَالَ « بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ، وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني