الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تمكين الزوجة لزوجها من الجماع قبل الزفاف

السؤال

بيني وبين رجل عقد شرعي، أي أننا متزوجان بعقد شرعي، ولم نعلن الدخول، إلا أنني سمحت له بالدخول بي قبل الزفاف.
فهل عملي جائز فإنني تبت من الزنا، وهو أيضا تاب، ثم عقدنا العقد الشرعي، وأردنا الحلال.
فهل ما أنا حلال له كما أتوقع؟ طبعا العقد تم بحضور وعلم الولي، والشاهدين، إضافة لناس غيرهم، لكن لا أحد يعلم بالدخول غيري وغير زوجي تحرجا منهم؛ لأن بيتنا لم يستكمل بعد.
ثانيا: حدث نقاش بيني وبينه في الهاتف، وحاولت تهدئة الوضع بكلمات جميلة، وطيبة، أو حتى كلمات جنسية كي أهدئ زوجي، إلا أنه كان يصد كلماتي الحانية بكلمات مثل: حلي عني، أكرهك، ابتعدي عني. لو أنك في داري لكنت ذهبت بك في الليل إلى دار أهلك، لا أطيقك، ابتعدي عني حاليا أنا غاضب، لا تقولي حبيبي، يلعن شكل حبيبك، أنا لست حبيبك، وغيرها من هذه الكلمات الجارحة.
قلت له: إلى متى أبتعد عنك، فقال لي: لا أعرف.
المهم هو لم يطق الكلام معي، وصدني حينها، ولم يقصد الطلاق، بل قصد إبعادي عنه حينها.
فهل تعتبر هذه الكلمات طلاقا لي حتى لو لم يقصد زوجي أن يطلقني؟ فلو أراد أن يطلقني فهو لا يعلم إلا اللفظ الصريح بالطلاق، وقد أخبرني أن لا أكلمه في وقت معين؟ فهل وقع طلاق! وإذا وقع فبكم يقع؟ وإذا وقع طلاق- لا سمح الله- فكيف تكون رجعتنا؟
ثالثا: خلال العقد كان كل شيء جيدا، وهناك فرح، إلا أنني بعد العقد بدأت أفكر، وأوسوس، وتذكرت بأن أبي وهو وليي في العقد كان دوما يقول كلمات كفرية حين غضبه، فهو عندما يغضب لا يدري ما يقول. فهل يحاسبه الله على كلماته الكفرية في حالة سبق اللسان؟ لأني سألته عن ذلك، وأخبرني بأنه أبدا وأبدا لم ولن يقصد الكفر، أو التلفظ بألفاظ الكفر قاصدا، بل إنه لا يدري ما يقول، ولا يعيه حينها.
فهل يكون حينها وليي كافرا؟ وإذا كان كافرا فهل يسد حضور أعمامي حين عقد الزواج، مكانه، وهم أوليائي من بعده، وهم موافقون على الزوج؟ فهل يكون نكاحي صحيحا؟ فأبي لم يقصد التلفظ بالكفر بل كان شديد الغضب، وكله سبق لسان. فهل يكفر وليي؟
ولقد نبهته على التوبة بعد العقد، فأخبرني بأنه لم يقصد، ولم يع ما يقول حينها، وأن الله لا يكفره بذلك الإغلاق الفكري!
فما حكم حالتي هذه؟
أرجوكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأولى أن يكون الدخول بالمرأة بعد الزفاف كما جرى العرف، لكن مخالفة ذلك ليست حراماً؛ لأنّ العقد الصحيح يترتب عليه حل الاستمتاع بين الزوجين.

قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- : ".. وهل له أن يباشرها وإن لم يحصل الدخول الرسمي؟ فلو عقد عليها ـ مثلاً ـ وهي في بيت أهلها، ولم يحصل الدخول الرسمي الذي يحتفل به الناس، فذهب إلى أهلها وباشرها، جاز؛ لأنها زوجته، إلا أننا لا نحبذ أن يجامعها...." الشرح الممتع على زاد المستقنع.
وعليه؛ فتمكينك لزوجك من جماعك قبل الزفاف، جائز لا إثم فيه –إن شاء الله-
وما دام زوجك لم يتلفظ بالطلاق الصريح، ولم ينو الطلاق بألفاظ الكنايات المذكورة، فلم يقع عليك طلاق بها.

قال ابن قدامة –رحمه الله- : .....وما عداه مما يحتمل الطلاق، فكناية لا يقع به الطلاق إلا أن ينويه. العمدة.

وأما بخصوص والدك، فالأصل صحة ولايته، وإذا كان تلفظ ببعض كلمات الكفر حال غضب سلبه الوعي، فلا يكفر بذلك. جاء في فتاوى الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-: ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة، ولكن المتكلم بها قد لا يكفر بها، لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره، فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه سب الدين في حال غضب، نقول له: إن كان غضبك شديداً بحيث لا تدري ماذا تقول، ولا تدري حينئذ أأنت في سماء أم في أرض، وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه، فإن هذا الكلام لا حكم له، ولا يحكم عليك بالردة؛ لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد، وكل كلام حصل عن غير إرادة وقصد فإن الله - سبحانه وتعالى - لا يؤاخذ به، يقول الله تعالى في الأيمان: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ} [المائدة 89]. اهـ. وعلى افتراض أنه وقع في الردة –والعياذ بالله- لكنه تاب بعد ذلك، فولايته صحيحة، فإن علم أنه نطق الشهادتين، أو صلى، فالأصل أنه مسلم تصح ولايته؛ وانظري الفتوى رقم: 192695
وننصحك أن تعرضي عن الوساوس، ولا تلتفتي لتلك إليها، واحذري من الاسترسال معها؛ فإن عواقبها وخيمة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني