الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل صحيح أن الأشخاص المصابين بالتوحد لا يُحاسبون على أعمالهم؟

السؤال

هل صحيح أن الأشخاص المصابين بالتوحد - أقصد مثل المجنون- لا يُحاسبون على أعمالهم -جزاكم الله خيرًا-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن المعروف طبيًّا أن حوالي 70% من حالات التوحد تصل إلى التخلف العقلي؛ فإذا وصل إلى ذلك، ولم يعقل، فهو غير مكلف كالمجنون، وأما إذا كان فقط انطوائيًا، ويعقل، فهو محاسب، وانظر الفتويين: 137985، 95351، ومن رحمة الله تعالى أنه أرحم بالمريض من أهله، ومن كل أحد؛ فهو أرحم الراحمين؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه البخاري.
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فقلت: يا رسول الله، إنك توعك وعكًا شديدًا، قال: أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم، قلت: ذلك أن لك أجرين، قال: أجل ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها، إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها. رواه البخاري.

وروى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب، وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب، كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي.

قال ابن القيم -رحمه الله- في شفاء العليل: في قوله صلى الله عليه وسلم: "أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده": وهذا أبلغ من قوله في الإطعام والإسقاء: "لَوَجَدتَ ذلك عندي" فهو سبحانه عند المبْتَلَى بالمرض رحمة منه له، وخيرًا، وقُرْبا منه لِكَسْرِ قَلْبِه بالمرض، فإنه عند المنكَسِرَةِ قلوبهم. انتهى.

وانظر في قسم الاستشارات من موقعنا الاستشارة رقم: 1524.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني