الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز هجر المدير الذي يكيد لنا المكائد ويفتري علينا؟

السؤال

أنا من تونس، وأعمل مدرسًا للصف الابتدائي، وانتقلت هذه السنة إلى مدرسة جديدة، وقدر الله أن يكون على رأس هذه المدرسة مدير سيئ الخلق، سليط اللسان، وصل به الأمر إلى تدبير المكائد، وذات يوم أرسل إلينا منشورًا من نسج خياله ليس مبعوثًا من الوزارة التي ننتمي إليها، وهذا المنشور يدعو إلى تجنب ذكر كل الأفكار العقائدية داخل الفصل، فلم أوقع على هذا المنشور، ولم يوقع زميلان لي؛ لأن العقيدة خط أحمر، وإن لم أعلم تلاميذي عقيدتنا، فماذا سأعلمهم؟ ومن تلك اللحظة أرغى هذا المدير وأزبد، وتفجر الحقد بداخله؛ لأننا عارضناه، وراح يدبر المكائد في الظلام، وجمع أولياء التلاميذ خلسة، وأعلمهم أن هؤلاء المدرسين يفسدون عقول أبنائكم، و يعلمونهم الجهاد، والنقاب، فأنقذوا أبناءكم، ووالله الذي لا إله إلا هو إنا لم نتطرق إلى هذه المواضيع، وطلب من صاحب صفحة كبيرة في الفيسبوك أن ينشر هذه الفرية الكاذبة: "ثلاثة مدرسين ملتحين يعلمون التلاميذ الجهاد، والنقاب" وهذا ما أعلمنا به صاحب صفحة الفيسبوك، وانتشرت هذه الفرية في الآفاق، وحضر جمع غفير من الأولياء إلى المدرسة، وحضرت الشرطة، لكن سبحان مقلب القلوب جاء الأولياء إلى صفنا، وشهدوا لنا بدماثة أخلاقنا، وتفانينا في العمل، فهل يحل لي أن أهجر هذا المدير لوجه الله؛ لأنه يفسد علينا دنيانا بمكائده ونميمته، ويفسد علينا ديننا بما ذكرته سالفًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا ما يجوز من الهجر وما لا يجوز، وأن الأصل أنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث إلا في حالات، ذكرها أهل العلم، وبينا ذلك في الفتوى رقم: 7119.

فإذا كان سبب الهجر صحيحًا مشروعًا ـ كما بينا ـ فلا حرج فيه إذا حققت المصلحة من هجره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فإن كانت المصلحة في الهجرة راجحة، بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر، وخفيته، كان مشروعًا، وإن كان المهجور لا يرتدع بذلك، بل يزيد شره، والهاجر ضعيف، بحيث تكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته، لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف. انتهى.

وأما إن كان غير مشروع، بل كان لحظوظ النفوس والأهواء، فلا يجوز، فقد قال العلامة بكر بن أبي زيد -رحمه الله-: ليحذر كل مسلم من توظيف هوى نفسه، وتأمير حظوظها على نفسه، فإن هذا هلكة في الحق، وهو شر ممن يترك الهجر عصيانًا. انتهى.

ونصيحتنا لكم أن تتألفوا مدير المدرسة، وتعفوا عنه، فإن ذلك أدعى لسلامة القلوب من الحقد، والغل، والحسد، وأنفع لتبليغ رسالتكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني