الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب على المصاب بالحساسية الشديدة حلق العانة؟

السؤال

وفقكم الله -إخواني القائمين على ‏الموقع-.‏ أنا شخص عندي حساسية ‏في الجسم، حتى عند الإكثار ‏من الماء فإنه يسبب لي حساسية، وعند حلاقة العانة يأتيني ألم فظيع، ‏وحساسيه فظيعة، وسألت أحد الإخوة، ‏فقال لي: يجب عليك حلقها بعد ‏أربعين يومًا على الأقل،‏ فما الحل؟ هل يجب عليّ ‏ذلك فعلًا؟ وهل أستطيع التخلي عن ‏الحلاقة إلى أن أجد حلًّا؟ حتى عندما اعتمرت فالله إني لم أستطع ‏الشعور بأريحية الحرم المكي بسبب ‏الحساسية، والألم، وقد استخدمت ‏أغلى أدوات الحلاقة، ولم تُجد -وفقكم الله، وهدانا وإياكم-.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فحلق العانة سنة في قول الجمهور، فلا يترتب الإثم على من تركها، وذهب القاضي أبو بكر بن العربي إلى وجوب ذلك، وقوله مرجوح.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الاسْتِحْدَادَ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ عَلَى السَّوَاءِ. انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في الفتح: وَأَغْرَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ، فَقَالَ: عِنْدِي أَنَّ الْخِصَالَ الْخَمْسَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كُلَّهَا وَاجِبَةٌ، فَإِنَّ الْمَرْءَ لَوْ تَرَكَهَا لَمْ تَبْقَ صُورَتُهُ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّينَ، فَكَيْفَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ؟ كَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ، وَتَعَقَّبَهُ أَبُو شَامَةَ بِأَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي مَقْصُودُهَا مَطْلُوبٌ لِتَحْسِينِ الْخَلْقِ، وَهِيَ النَّظَافَةُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى وُرُودِ أَمْرِ إِيجَابٍ لِلشَّارِعِ فِيهَا، اكْتِفَاءً بِدَوَاعِي الْأَنْفُسِ، فَمُجَرَّدُ النَّدْبِ إِلَيْهَا كَافٍ. انتهى.

وقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 29261، والفتوى رقم: 68206، أن شعر العانة، وكذا شعر الإبط لا ينبغي ترك أي منهما أكثر من أربعين يومًا، فمن ترك شيئًا من هذه الخصال مدة تخرج فيها عما هو معتاد كان مخالفًا للسنة؛ لما في صحيح مسلم أن أنسًا -رضي الله عنه- قال: وُقّتَ لنا في قص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة. وإن ترتب على ترك الحلق تجمع أوساخ تخل بالطهارة، وجبت إزالة ما يمنع صحة الطهارة.

وكل ما ذكر إنما هو بالنسبة لمن لا يتضرر بالحلق، وأما من كان مصابًا بحساسية شديدة، والتهابات تمنعه من حلق العانة، فإن بإمكانه أن يحصل أصل السنة ولو باستعمال المقص في إزالة ما يقدر على إزالته به من الشعر الزائد، فإن القص القريب من الحلق يحصل به أصل السنة، كما ذكر ذلك العلماء.

قال الحافظ -رحمه الله- في فتح الباري نقلًا عن أبي شامة: وَيَقُومُ التَّنَوُّرُ مَكَانَ الْحَلْقِ، وَكَذَلِكَ النَّتْفُ، وَالْقَصُّ، وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ أَخْذِ الْعَانَةِ بِالْمِقْرَاضِ، فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَ. انتهى.

وإن لم يستطع المصاب بالحساسية الشديدة حلق العانة، أو تقصيرها بأي طريقة، فإنه في هذه الحالة يسقط عنه حتى على القول بوجوبها؛ إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

لكنه متى ما تيسر له حلقها، فينبغي له أن يبادر إلى ذلك لإصابة السنة؛ ولما فيه من التنظف، وكمال التطهر.

وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى: 190257.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني