الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استمرار هجر العاصي

السؤال

قام زوج عمتي بهتك عرض أختي وهي في السادسة من عمرها، وكرر فعله هذه عدة مرات، وخافت أن تقول لأمي، وكان أبي مسافرا، مع وجود مشاكل في هذه الفترة بين أمي وأهل أبي، وعندما قالت لأمي وأبي ذهب أبي إليه وضربه، ولم نبلغ عنه أو نسجنه بسبب القرابة، وكذبت عمتي أختي وقالت إنها تدعي ذلك، وهي تعلم الحقيقة، فانقطعت العلاقات سنين، ورجع أبي لصلة رحم أخته، وعزم زوجها في فرحي وسلم عليه، وأثر هذا على أختي، فانهارت وبدأت تكره أبي، فما حكم الإسلام في سلام أبي على الجاني وتهميشه لإحساس ابنته؟ وهل حرام أن نقطع صلة الرحم مع عمتي التي اتهمت أختي، وهذا في حد ذاته تهمة مهينة، وأختي لا تقدر على سماع صوتها أو أن تراها أو ترى زوجها، مع العلم أننا نحدثها في الأعياد.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الواقع ما ذكرت من أن زوج عمتك انتهك عرض أختك وهي صغيرة، فلا شك في أن هذا أمر منكر، وفعل قبيح يدل على شيء من الشذوذ الجنسي وانتكاس الفطرة، وهجر العاصي لا يجب بإطلاق، ولكنه يجوز حسبما تقتضيه المصلحة كما بين ذلك الفقهاء، وقد يجب أحيانا، وانظري الفتوى رقم: 21837.

فعلى فرض أن هذا الرجل مقيم على مثل هذه المعصية، فيجوز أن يوصل ويجوز أن يهجر تبعا للمصلحة، وهذا فيما إذا لم يتب، وأما إذا تاب فليس هنالك ما يسوغ هجره، أو الاستمرار في هجره، وهكذا العمة إذا تابت من اتهام أختك، فلا يسوغ هجرها، بل هجرها في هذه الحالة لا يكون هجرا لله، وإنما هو هجر لحظ النفس، وعلى سبيل التشفي، وهذا لا يجوز، وراجعي الفتوى رقم: 30690.

واعلمي أن قطيعة الرحم كبيرة من كبائر الذنوب، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 116567.

ومن أفضل القربات وأجل الطاعات عفو المسلم عن أخيه المسلم، وسلامة صدره تجاهه، فقد يرفعه الله به عالي الدرجات، ويكفر عنه المعاصي والسيئات، وراجعي الفتوى رقم: 27841.

وفي الختام ننصح أختك بأن تهون الأمر على نفسها، وتجتهد في نسيان الماضي، فقد تنكد به حياتها، وهذه محض مضرة لا مصلحة فيها، نسأل الله أن يعافينا وإياكم من كل سوء وبلاء، وأن يرفعنا في الجنة في عالي الجنات مع الرسل والأنبياء بمنه وكرمه سبحانه وتعالى، وما ذلك على الله بعزيز.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني