الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقديم الأم في الحضانة من محاسن الشريعة والاحتياط للأطفال

السؤال

تزوجت من إنسانة ليست من جنسيتي ورزقت بطفلة عمرها الآن سنتان ووقع الطلاق بيننا, لا أريد لابنتي أن تعيش وسط أهل مطلقتي وأريدها أن تعيش معي والدتي وأخواتي, والدتها ترفض ذلك وأنا أخاف أن تتربى أبنتي فى بيئة غير سليمة ... ما حكم الشرع في ذلك ؟ وجزاكم الله خيراً...

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد روى أبو داود والإمام أحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء، وإن أباه طلقني فأراد أن ينتزعه مني! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكحي. وحسن سنده محققا زاد المعاد.
وقد دل الحديث على أنه إذا افترق الأبوان وبينهما ولد، فالأم أحق به من الأب ما لم يقم بالأم ما يمنع تقديمها أو يقم بالولد وصف يقتضي تخييره. وهذا مما اتفق عليه العلماء، ولا يعرف فيه نزاع، وقد قضى به خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر على عمر بن الخطاب ولم ينكر عليه منكر، فلما ولي عمر قضى بمثله.. فروى مالك في الموطأ: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت عنده امرأة من الأنصار، فولدت له عاصم بن عمر ثم إن عمر فارقها، فجاء عمر قباء فوجد ابنه عاصما يلعب بفناء المسجد فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة، فأدركته جدة الغلام فنازعته إياه حتى أتيا أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فقال عمر: ابني. وقالت المرأة: ابني. فقال أبو بكر رضي الله عنه: خل بينها وبينه. فما راجعه عمر الكلام. رواه مالك والبيهقي. ورجاله ثقات.
وفي رواية عند عبد الرزاق: فاختصما إلى أبي بكر فقضى لها به، وقال: ريحها وفراشها وحجرها خير له منك حتى يشب ويختار لنفسه.
ثم كان بعدُ عمر رضي الله عنه في خلافته يقضي به ويفتي، ولم يخالف أبا بكر في شيء منه ما دام الصبي صغيراً لا يميز. ولا مخالف لهما من الصحابة.
والعلة في تقديم النساء هنا: هي أنه لما كانت النساء أعرف بالتربية وأقدر عليها وأصبر وأرأف وأفرغ لها قدمت الأم فيها على الأب، فتقديم الأم في الحضانة من محاسن الشريعة والاحتياط للأطفال والنظر لهم، كما أن تقديم الأب في ولاية المال والتزويج لكونه أقدر على الاحتياط له كذلك، انظر زاد المعاد.
وعلي؛ه فأم الطفلة أحق بحضانتها إذا توفرت فيها شروط الحضانة وهي:
أولاً: العقل.
ثانياً: الإسلام.
ثالثاً: العفة والأمانة، والمراد من ذلك: أن لا يكون الحاضن أو الحاضنة ذا فسق.
رابعاً: الإقامة، وذلك بأن يكون صاحب الحق في الحضانة مقيماً في بلد الطفل.
خامساً: الخلو من زوج أجنبي.. فإذا تزوجت الأم سقط حقها في الحضانة، وإن لم يدخل بها الزوج بعد، لحديث عبد الله بن عمرو المتقدم في أول الإجابة.
السادس: الخلو من الأمراض الدائمة والعادات المؤثرة، فلو كانت الأم تعاني من مرض عضال"كالسل، والفالج، أو كانت عمياء، أو صماء، لم يكن لها حق في حضانة الطفل، لأن لها من شأنها ما يشغلها عن القيام بحق الطفل.
فإذا فقد شرط من هذه الشروط فلا حق لمن فقد فيه في الحضانة، ومن هذا تعلم أنه إن كانت الأم عاجزة عن تربية البنت تربية إسلامية أو تزوجت أجنبياً سقط حقها في الحضانة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني