الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حديث "مثل المدهن في حدود الله .." معناه وفوائده

السؤال

سؤالي هو: أين يمكنني أن أجد تفسيراً لحديث (سفينة المجتمع)؟ علماً بأنني بحثت عنه في جميع الكتب الموجودة لديكم في الموقع ولم أجده.وأتمنى أن أحصل على الإجابه في أقرب وقت.هذا وجزاكم الله عني ألف خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالحديث رواه البخاري وأحمد والترمذي والبيهقي والطبراني في الأوسط وابن حبان.
ولفظ البخاري في كتاب الشهادات: باب القرعة في المشكلات: وقوله عز وجل: (إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) [آل عمران:44].
عن الشعبي أنه سمع النعمان بن بشير رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المدهن في حدود الله والواقع فيها، مثل قوم استهموا سفينة، فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها، فكان الذي في أسفلها يمرون بالماء على الذين في أعلاها، فتأذوا به، فأخذ فأسا، فجعل ينقر أسفل السفينة، فأتوه فقالوا: ما لك، قال: تأذيتم بي ولا بد لي من الماء، فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم".
وإليك ملخص ما ورد فيه: قال الحافظ ابن حجر في الفتح: المداهن: يراد به من يرائي ويضيع الحقوق ولا يغير المنكر.
وقد تقدم في الشركة من وجه آخر عن عامر وهو الشعبي "مثل القائم على حدود الله والواقع فيه" وهو أصوب، لأن المداهن والواقع -أي مرتكبها- في الحكم واحد، والقائم مقابله.
وقد رواه الترمذي من طريق أبي معاوية عن الأعمش بلفظ: "مثل القائم على حدود الله والمدهن فيها".
وبيان وجود الفرق الثلاث في المثل المضروب أن الذين أرادوا خرق السفينة بمنزلة الواقع في حدود الله، ثم من عداهم إما منكر وهو القائم، وإما ساكت وهو المدهن.
وقوله: (استهموا سفينة) أي اقترعوها، فأخذ كل واحد منهم سهماً أي نصيباً من السفينة بالقرعة.
وقوله: (فأخذ فأسا) بهمزة ساكنة، معروف ويؤنث.
وقوله: (ينقر) بفتح أوله وسكون النون وضم القاف أي يحفر ليخرقها.
وقوله: (فإن أخذوا على يديه) أي منعوه من الحفر (أنجوه ونجوا أنفسهم) أي كل من الآخذين والمأخوذين. وهكذا إقامة الحدود يحصل بها النجاة لمن أقامها وأقيمت عليه، وإلا هلك العاصي بالمعصية والساكت بالرضا بها.
قال الحافظ: وفيه -أي من الفوائد- استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف، وتبيين العالم الحكم بضرب المثل، ووجوب الصبر على أذى الجار إذا خشي وقوع ما هو أشد ضرراً، وأنه ليس لصاحب السفل أن يحدث على صاحب العلو ما يضر به، وأنه إن أحدث عليه ضرراً لزمه إصلاحه، وأن لصاحب العلو منعه من الضرر، وفيه جواز قسمة العقار المتفاوت بالقرعة، وإن كان فيه علو وسفل.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني