الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من العنت احتجاب المرأة عمن رخص الشرع لها بإبداء الزينة أمامه

السؤال

من عاداتنا في البلدة التي أنتمي إليها أنه بعد زواج الفتاة، فإنها لا يرى أحد وجهها من الرجال حتى والدها وإخوتها، وذلك حياء منهم. فهل في ذلك خروج عن السنة النبوية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه عادة مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وللصحابة أجمعين، ولإجماع الأمة كلها، فإنه يجوز للرجل أن يرى من ابنته وجهها وشعرها، وكذلك الأخ والابن، لأنهم محارم لها تظهر أمامهم قال الله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31].

وقال الإمام ابن جرير الطبري عند تفسيرها: ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن قال: الطوق والقرطين، يقول الله تعالى ذكره: قال للمؤمنات الحرائر: لا يظهرن هذه الزينة الخفية، التي ليست بالظاهرة، إلا لبعولتهن، وهم أزواجهن، واحدهم بعل، أو لآبائهن، أو لآباء بعولتهن، يقول: أو لآباء أزواجهن، أو لأبنائهن، أو لأبناء بعولتهن، أو لإخوانهن، أو لبني إخوانهن، أو نسائهن، قيل: عنى بذلك نساء المسلمين. اهـ.

وقال الإمام القرطبي في تفسيره: لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنى بذوي المحارم وسوَّى بينهم في إبداء الزينة، ولكن تختلف مراتبه بحسب ما في نفوس البشر.. فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها، وتختلف مراتب ما يبدى لهم... إلى آخر كلامه.

فعلى هذا؛ فإن هذا التصرف منكم مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم والأمة جميعاً، وفيه من العنت والتشديد على النساء ما يجعلهن معزولات عن آبائهن وإخوانهن، فعليكم بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فهو خير الهدي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني