الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأدلة على كون الأئمة من قريش، والسر في ذلك

السؤال

جاء في البداية والنهاية للحافظ ابن كثير النص التالي :( اجتمع الصحابة يوم السقيفة على أن الإمارة لا تكون إلا في قريش , واحتج الصديق بالحديث في ذلك , حتى أن الأنصار سألوا أن يكون منهم أمير مع أمير المهاجرين فأبى عليهم الصديق ذلك )السؤال الذي شغل بالي طويلاً إن تكرمتم بالإجابة عليه هو :ما نص الحديث الشريف الذي احتج به الصديق رضوان الله عنه، وألا يعترض هذا المبدأ مع الحديث أن لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى فكيف يكون لزاما أن يكون الأمير قرشياً , وما هو فضل القرشي عدا قرابة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم , وهل هو نوع ما تفضيل واختيار من الله عز وجل كما كان اليهود في الماضي شعب الله المختار حتى كفروا وفرطوا في جنب الله .ولكم جزيل الشكر أيها الإخوة الأفاضل

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن ما حصل في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة الرسول صلى الله وسلم أشهر من أن يُذكر، وخلاصته أن الرأي قد استقر على مبايعة أبي بكر خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بايعه على ذلك المهاجرون والأنصار، وكان اختيارهم له مبنياً على الأدلة الشرعية، لا على الأهواء الشخصية، ومن أهم هذه الأدلة:
أن الصحابة رضي الله عنه لما وجدوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخلف أبا بكر ليصلي بالناس مكانه في مرض موته، اعتبروا ذلك إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى أن أبا بكر خليفته، ولذلك قالوا: : رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا أفلا نرضاه لدنيانا . ذكره ابن عبد البر في التمهيد عن علي بن أبي طالب، وكذا ذكره غير واحد، ودليلهم هذا يُسمى عند جمهور الأصوليين: بقياس الأولى، وهي دلالة النص عند الحنفية.
أما عن استدلال أبي بكر رضي الله عنه على أن الخلافة في قريش، فهو ثابت بالإجماع وثابت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيد لا يتطرق إليها شك.
أما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم : " الأئمة من قريش ." رواه أحمد وصححه الأرناؤوط وأصله في الصحيحين بغير هذا اللفظ، وهو ما استدل به أبو بكر رضي الله عنه كما نقله ابن العربي في العواصم من القواصم، كما روى مسلم في صحيحه عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: : "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم."
وأما الإجماع: فمستنده حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم ." متفق عليه.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم عند هذا الحديث : هذا الحديث وأشباهه دليل ظاهر على أن الخلافة مختصة بقريش، لا يجوز عقدها لأحد غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة، فكذلك من بعدهم . انتهى.
ولا يتنافى تخصيص قريش بالخلافة مع قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) [الحجرات:13] لأن الآية تتصل ببيان تساوي الناس في أصل الخلقة مع تفاوتهم في القرب من الله تعالى بحسب أعمالهم. أما تخصيص قريش بالخلافة فهو اختيار من الله تعالى لهم، كما ورد في الأحاديث السابقة الذكر، وكما في قوله تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ) [القصص:68] ومع هذا فقد ذكر بعض العلماء السبب في اشتراط القرشية في إمام المسلمين، وهو ما لقريش من العصبية التي تكون بها الحماية والغلبة، إذ هي قلب العرب، ومركز إدارتهم، وقد بين ذلك ابن خلدون في مقدمته بياناً شافياً، وليُعلم أن الإسلام لا يفرق بين الناس بسبب أجناسهم، ولا أعراقهم، بل أساس الإسلام هو القضاء على هذه العصبية ومحو آثارها، ومن أظهر العلامات على ذلك المؤاخاة التي تمت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بين القرشيين وغيرهم من العرب والعجم، كبلال الحبشي وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي رضي الله عنهم، ومضى بيان بعض الشبه التي تتصل بهذه المسألة في الجواب رقم: 2996 ورقم: 6305
أما عن مقالة اليهود: إنهم شعب الله المختار، ففيها تفصيل تجده إن شاء الله في الجواب رقم:
17708 ولمزيد من الفائدة راجع الجواب رقم: 4419
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني