الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قبول الصلاة أو ردها أمر غيبي لا يعلمه إلا الله

السؤال

سمعت في محاضرة أن صلوات المرء لا تقبل كلها، بل الله يقبل ما يشاء منها، وأن الصلاة الوحيدة التي يقبلها الله هي الصلاة التي يصليها المرء عندما يستيقظ من النوم ثم يصلي ركعتين نافلة ثم يعود للنوم، وكذلك الدعاء يقبل فقط في هذه الحالة، فهل هذا صحيح؟
"إذا توضأ العبد فأحسن وضوءه، ثم قام إلى الصلاة فأتم ركوعها وسجودها والقراءة فيها، قالت له الصلاة: حفظك الله كما حفظتني، ثم تصعد إلى السماء لها ضوء ونور، وفتحت لها أبواب السماء حتى ينتهي إلى الله عز وجل فتشفع لصاحبها، وإذا ضيع وضوءها وركوعها وسجودها والقراءة فيها، قالت له الصلاة: ضيعك الله كما ضيعتني، ثم تصعد إلى السماء وعليها ظلمة، فتغلق دونها أبواب السماء، ثم تلف كما تلف الثوب الخلق ثم تضرب بها وجه صاحبها"، فهل حقا الصلاة لا تقبل وترمى في وجوهنا حتى وإن أتممناها فإن الله يقبل منها ما يشاء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمسلم مطالب بأداء الصلاة، وأما هل تقبل صلاته أم ترد فهذا أمر غيبي لا يعلمه إلا الله، ولا يمكن لأحد أن يطلع عليه، وانظر الفتويين: 48761 - 65587 .

وأما صلاة الليل، فقد روى البخاري عن عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تعارَّ من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: رب اغفر لي، أو قال: ثم دعا استجيب له، فإن عزم فتوضأ، ثم صلى قبلت صلاته، والمعنى أن هذه الصلاة ودعاءها أرجى بالقبول من غيرها؛ جاء في تحفة الأحوذي: قال ابن الْمَلَكِ: الْمُرَادُ بِهَا الِاسْتِجَابَةُ الْيَقِينِيَّةُ لِأَنَّ الِاحْتِمَالِيَّةَ ثَابِتَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الدُّعَاءِ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ اسْتِجَابَةُ الدُّعَاءِ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ وَكَذَا مَقْبُولِيَّةُ الصَّلَاةِ فِيهِ أَرْجَى مِنْهُمَا فِي غَيْرِهِ... قال ابن الملك: وَهَذِهِ الْمَقْبُولِيَّةُ الْيَقِينِيَّةُ عَلَى الصَّلَاةِ الْمُتَعَقَّبَةِ عَلَى الدَّعْوَةِ الْحَقِيقِيَّةِ كَمَا قَبْلَهَا. انتهى، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 158649.

وأما الجزء الثاني من السؤال، فما ذكرته هو حديث عند الطبراني وغيره، قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفيه عباد بن كثير وقد أجمعوا على ضعفه، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع، وقال في ضعيف الترغيب: ضعيف جداً، وانظر الفتوى رقم: 61221 .

وأما من أتم صلاته، فإن الله لا يرميها، بل يتقبلها فضلاً منه ونعمة؛ قال تعالى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ {آل عمران:195}، قال ابن كثير: وقوله: {أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} هذا تفسير للإجابة، أي قال لهم مجيبا لهم: أنه لا يضيع عمل عامل لديه، بل يوفي كل عامل بقسط عمله، من ذكر أو أنثى. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني