الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استشعار أن الله أكبر من كل شيء والتفكر في العرش والكرسي وعظمتهما

السؤال

هل يحرم الاستشعار عند: الله أكبر ـ بأن الله عز وجل أكبر من كل شيء، وأكبر مما نتخيل؟ أم يعتبر هذا تشبيها ـ والعياذ بالله ـ لأن الله ليس كمثله شيء؟ أرجو أن تفرقوا لي بين ما هو محرم في ذلك وما هو غير محرم، وهل يجب علينا استشعار عظمة الكرسي؟ وهل يجب أن نتخيل أن العرش مقبب أم أننا نؤمن بذلك دون تخيله؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه يجب الاعتقاد أن الله عز وجل أكبر من كل شيء، ويدل لذلك ما روى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه مَوْقُوفا عن ابْن عَبَّاس ـ رَضِي الله عَنْهُمَا ـ قَالَ: إِذا أتيت سُلْطَانا مهيبا تخَاف أَن يَسْطُو عَلَيْك فَقل الله أكبر الله أكبر من خلقه جَمِيعًا، الله أعز مِمَّا أَخَاف وَأحذر، أعوذ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، الممسك السَّمَوَات السَّبع أَن يقعن على الأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ من شَرّ عَبدك فلَان. قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ، وَرِجَاله رجال الصَّحِيح.

وجاء في شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين: وقوله: وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ـ يعني: كبر الله عز وجل تكبيراً، بلسانك وجنانك: اعتقد في قلبك أن الله أكبر من كل شيء، وأن له الكبرياء في السماوات والأرض، وكذلك بلسانك تكبره، تقول: الله أكبر! وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم يكبرون كلما علوا نشزاً أي: مرتفعاً، وهذا في السفر لأن الإنسان إذا علا في مكانه، قد يشعر في قلبه أنه مستعل على غيره، فيقول: الله أكبر، من أجل أن يخفف تلك العلياء التي شعر بها حين علا وارتفع، وكانوا إذا هبطوا، قالوا: سبحان الله، لأن النزول سفول، فيقول: سبحان الله، أي: أنزهه عن السفول الذي أنا الآن فيه، وقوله: تَكْبِيراً ـ هذا مصدر مؤكد، يراد به التعظيم، أي: كبره تكبيراً عظيماً. اهـ.

وجاء في شرح العقيدة الواسطية للغنيمان: يجب أن يعلم العبد أن الله أكبر من كل شيء، والسماوات على سعتها يقبضها ربنا جل وعلا بيده، ويطويها بيمينه، وتكون حقيرة صغيرة ليست شيئا بالنسبة إليه، فكيف يتصور أن شيئاً من المخلوقات يكون أكبر منه تعالى وتقدس؟! ولهذا شرع للإنسان أن يقول: الله أكبر عندما يرى شيئاً عظيماً، أو إذا ارتفع على مرتفع أو غير ذلك، لأن الله أكبر من كل شيء. اهـ.
وأما عظمة الكرسي: فهي ثابتة بالنصوص الشرعية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة.... أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر، وقال ابن حجر في الفتح: وَلَهُ شَاهِد عَنْ مُجَاهِد أَخْرَجَهُ سَعِيد بْن مَنْصُور فِي التَّفْسِير بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْهُ ـ وساق الألباني طرقه في السلسلة الصحيحة ثم قال: وجملة القول أن الحديث بهذه الطرق صحيح. اهـ

ولا حرج في تخيل الكرسي والعرش، فهما من مخلوقات الله تعالى التي يشرع التفكر فيها، ففي دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين: باب في التفكر ـ أي: إجالة الفكر في عظيم مخلوقات الله تعالى كالعرش والكرسي والسماء والأرض ففي الحديث: ما السماء والأرض وما بينهما في العرش إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض. اهـ.

وراجع في تقبيب العرش الفتوى رقم: 177235.

ومع ذلك، فلا يجب تخيل أن العرش مقبب ولا أن له غير ذلك من الصفات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني