الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم شراء بيت بعد فسخ عقد شراء سابق

السؤال

رجل يريد أن يشتري بيتًا، ولكنّ هذا ‏البيت فيه إشكال، فالبائع سبق أن ‏أمضى وعدًا بالبيع لمشتر آخر، يدفع ‏المشتري على أساس الوعد 95 ألفًا، ‏ثم يكمل 300 ألف، ليتمّ البيع، وتمّ ‏ذلك عن طريق محام، على أساس ‏إكمال الباقي بعد أربعة أشهر.
‏والآن مضى قرابة العام، ولم يكمل ‏المشتري الـ 300 ألف، وكان يتذرّع ‏بأنّ البيت فيه دكّان مؤجّر للتجارة، ‏ولا يمكن أن يدفع البقية حتى يضمن ‏خروج صاحب الدّكّان، مع إعلامه ‏بأنّ ماله جاهز، وهو قادر على دفعه ‏متى تمّ ذلك، ‏وفي الأثناء تبيّن أنّ المحامي ‏مخادع، وأصبح الشكّ في هذا ‏المشتري أنّه مخادع مثله، أو أنه ‏مماطل لا يملك المال؛ لذلك تم تعيين ‏محام جديد، وتوقيع ضمان بخروج ‏صاحب الدّكّان الذي يتذرّع به ‏المشتري لعدم دفع بقية المال، وتمّ ‏إخبار المشتري بذلك، وأنه ينبغي أن ‏يدفع المال في مدّة محدّدة، وإلا يلغى ‏البيع، مع ردّ ما دفع (أي 95 ألفا) ‏عند الوعد.
‏السؤال: إذا انقضت هذه المدّة ‏القانونية، ولم يكمل المشتري بقية ‏المبلغ للبائع، وواصل في المماطلة ‏مع زوال ما كان يتخذه ذريعة.‏‏ فهل على هذا الرّجل شيء إذا ‏اشترى هذا البيت؟ وهل يقال إنه باع ‏على بيع الرجل الأول؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما تم بين الطرفين إما: أن يكون من باب الوعد كما ذكرت، والمبلغ المقدم لإثبات الجدية، وعليه، فإذا لم يحضر المشتري بقية الثمن، ويجري العقد، فللبائع أن يرد عليه ماله، ويبيع البيت لمن شاء.

وإما أن يكون ما تم بينهما هو عقد لا وعد، وهذا ما يسمى ببيع العربون، وهو أنه إذا جاء المشتري بالثمن في أجل كذا، وإلا فلا شيء بينهما، ويكون العربون للبائع، أو يرده للمشتري. إذا كان كذلك، وقد تم الاتفاق على أجل إن لم ينقد المشتري فيه الثمن، وإلا فلا شيء بينهما، فلا حرج على البائع في البيع لمشتر ثان بعد انقضاء المهلة المتفق عليها مع المشتري الأول.

وينبغي أن يعلم أنه يجوز للبائع أن يشترط الرجوع في البيع إذا أعسر المشتري، أو لم يستلم الثمن خلال مدة يتفق البائع والمشتري عليها، ويكون ذلك من باب خيار الشرط إذا قلنا إن مدة خيار الشرط حسب ما يتفقان عليه، كما هو مذهب الحنابلة، وفقهاء الحديث.

جاء في المجموع: قال أصحابنا: إذا انعقد البيع لم يتطرق إليه الفسخ إلا بأحد سبعة أسباب. ثم ألحق بها رجوع البائع عند إفلاس المشتري.

وجاء في المنثور: من ضمن الأسباب السبعة قال: ومنها خيار تعذر قبض الثمن، في الأصح. اهـ.

وإذا فسخ البيع لتعذر نقد الثمن كاملاً، فللمشتري الثاني شراء المحل من صاحبه، ولا يلحقه إثم بذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني