الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم جمع المسافر للصلوات أحيانا وترك الجمع أحيانا اخرى

السؤال

ذهبنا إلى مكة عدة مرات من أجل عمل زوجي، كل مرة ثلاثة أيام نصل الأربعاء مساء بعد منتصف الليل ونستقر حتى السبت مساء بعد العشاء، وكنت أحتار هل لي أن أجمع الصلاة أم لا؟ خاصة أن زوجي يأخذني أحيانا للصلاة في الحرم، وغالبا تكون صلاة العشاء بسبب عمله وأحيانا لا نصلي ولا صلاة في الحرم ماعدا الوتر، وكنت لا أعلم هل يجوز أن أصلي بعض الصلوات جمعا دون القصر، وأصلي بعضها حاضرة فمثلا: أصلي الظهر والعصر جمعا، وأصلي المغرب والعشاء حاضرتين، واليوم الذي نسافر فيه غالبا نجمع المغرب والعشاء بسبب موعد الطائرة، حيث نخرج بين المغرب والعشاء ونصل مطار جدة الساعة العاشرة مثلا ونركب الطائرة لنصل الرياض بعد منتصف الليل، فهل يجوز للمسافر أن يترخص برخصة الجمع في بعض الصلوات دون بعض؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالسفر من الحالات المبيحة للجمع بين الصلاتين عند الجمهور، ومن ثم فيجوز للمسافر أن يجمع بين الصلاتين فيصلي الظهر والعصر ركعتين ركعتين، ويصلي المغرب والعشاء ثلاثا وركعتين تقديما أو تأخيرا، ويجوز له أن يجمع بين بعض الصلوات ويفرق بعضها، فيصلي الظهر والعصر مثلا جمعا، ولا يجمع بين المغرب والعشاء وعكس ذلك، وكل هذا مما لا حرج فيه، وإن كان ترك الجمع مع عدم المشقة أولى، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وأما الجمع للمسافر بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء فسنة، حيث كان على ظهر سير، أي حيث كان سائراً، لما في صحيح البخاري: عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء ـ أما إذا كان نازلاً فالسنة أن لا يجمع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يجمع بمنى لأنه كان نازلاً، وإن جمع فلا بأس لاسيما إذا احتاج إلى ذلك لشغل يقضيه أو نوم يستريح فيه، وفي الصحيحين من حديث أبي جحيفة ـ رضي الله عنه: أن النبي خرج من قبة كانت له بالأبطح بمكة، قال أبو جحيفة: خرج بالهاجرة ـ يعني شدة الحر ـ إلى البطحاء فتوضأ ثم صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين... الحديث، وفي صحيح مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: جمع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرها في غزوة تبوك، فجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، قال سعيد: فقلت لابن عباس: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته، وله عن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ نحوه تماماً، ومعنى: يحرج أمته ـ يوقعها في حرج وضيق. انتهى.

ومن سافر إلى بلد ولم ينو الإقامة فيها أكثر من أربعة، فله حكم المسافر، وعليه فإن لكم القصر والجمع في مكة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني