الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

فضيلة الشيخ: ما رأيكم فيما نفعل ‏الآن هل صواب أم لا: ‏
‏ نحن من سألنا سابقا عن رجل ‏عادي، طبيعي، لكن إذا وقع في ‏مشكلة، أو ضايقه شخص، أو شيء ‏مثل جو شديد الحرارة يضطرب. ‏زوجناه، لكن أحيانا عندما يشعر ‏بالضيق، أو أي شخص يستفزه ‏تسارع الأفكار، وتقول له قل كلمات ‏الطلاق، وتحاصره مما يجعله يقول ‏ألفاظ الطلاق الصريح، أو يشك أنه ‏قالها. وعندما يحاول منع نفسه من ‏الكلام، تحاصره الأفكار، ويضطرب ‏كثيرا عندما يحاول أن يقول لنفسه ‏لن يقع؛ لأن وسواس الأفكار التي ‏في نفسه تقنعه بأنه لن يرتاح إلا إذا ‏قالها حقيقة، حتى يقع الطلاق؛ لأن ‏منع نفسه من الطلاق هو الذي ‏يسبب له الخوف، والضيق، بعدها ‏يقول ألفاظ الطلاق. بعد أن يهدأ لا ‏يتذكر، ويشك ماذا قال، أو لم يقل، أو ‏حديث نفس، أو فعلا قال ألفاظ ‏الطلاق حقيقة حتى يرتاح. ‏
عندما يختلف مع زوجته في أي ‏موضوع، أو ترفع صوتها عليه ‏بسرعة، تقفز فكرة الطلاق إلى ذهنه، تقول له بسرعة: قل ألفاظ ‏الطلاق؛ لأنها أساءت إليك، فلا يعلم ‏هل حقيقة أم وسواس هل قال أم لا؟
‏أحيانا يسألها: ماذا كنت أقول؟ ‏ لقد نسيت، فتقول له الكلام، فلا ‏يجد ألفاظ الطلاق، فيبني على أنه لم ‏يقل شيئا، ولا يلفت نظرها، ولا يذكر ‏أبدا أنه يبحث عن ألفاظ طلاق، ‏وأحيانا أخرى لا يسألها ماذا قال ‏لئلا تشك، وتهيج، فيكتفي بأنها لم ‏تقل له إنها سمعت شيئا حتى لا يلفت ‏نظرها، فتثور، وتسبب مشكلة طالما ‏لم تقل له إنك قلت، فيسكت، ويعتبر ‏أنه لم يقع طلاق.‏
عندما نسأل المفتين، والشيوخ، ‏يحدث اختلاف في مرات عديدة، لا ‏نعلم هل ما قال كله وسواس أم ‏بعضه يمكن أن يكون حقيقة، حتى ‏يشفي غليله من الاضطراب، أو ‏تمادى مع الموضوع عمدا، نتيجة ‏الضيق والاضطراب، والخوف أو أن ‏زوجته استفزته، فنطق غِلا، وأوقع ‏فعلا الطلاق.‏
يعني ألفاظ الطلاق تخرج نتيجة إذا ‏خاف، أو تضايق، يستغل الوسواس ‏ذلك، ويقنعه بالتلفظ بألفاظ الطلاق، أو ‏نتيجة ضغط زوجته، وهو يحاول ‏تغيير الموضوع إذا استفزته؛ لأنه ‏فقط يعلم أنه موسوس، وبعد ذلك ‏يقول له فعلت ذلك عمدا، قلت أكثر ‏من مرة غِلا، إذن وقع الطلاق، لكن ‏زوجته لا تقول له أنت قلت، فيعتبر ‏أنه لم يقل، ولم يقع طلاق؛ لأن نفسه ‏تقول: كان يمكن أن تتفادى ذلك، لكن ‏أنت فعلت ذلك حتى تشفي غلك مما ‏يجعلنا نحتار. هل هو طلاق حقيقي أو ‏وسواس؟
‏ الآن اكتفينا بأنه موسوس، ولم تقل ‏زوجته إنه قال شيئا، فاعتبرنا ذلك ‏حديث نفس. ‏
يعني بما أنها لم تقل، نعتبر ذلك حديث ‏نفس، وأنه لم يقل شيئا. وسألناكم في الاستشارات، قالوا اسأل ‏طبيبا، فقال ليس فيه شيء، شخص ‏عادي والحمد لله.‏
أم نلفت نظرها، ونسألها لكن يمكن ‏أن تهيج، وتشك، ولا نعلم كيفية ‏التصرف. فأخذنا برأي شيخ قال: ‏طالما لم يقل لها، أو لغيرها، فهو ‏حديث نفس: (إنما النجوى من ‏الشيطان..) الآية.‏
نسأل حتى لا يكون علينا وزر، ‏وقد تزوج بعلمنا أن عند وسواس ‏طلاق.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يحكم عامة أهل العلم بوقوع الطلاق إلا إذا أتى الزوج بألفاظ الطلاق؛ لأن الطلاق من عوارض الألفاظ، فلا يقع بمجرد حديث النفس مهما اشتد اضطرابها، وينظر في حكم حديث النفس بالطلاق الفتوى رقم: 20822.

وإذا شك الرجل بسبب حالته النفسية هل تلفظ بالطلاق أم لم يتلفظ به، فلا يقع الطلاق مع الشك فيه؛ لأن الزواج قد انعقد بيقين، فلا يُحلّ بشك، سيما وقد أكدت زوجته عدم نطقه بالطلاق حيث سألها عنه. وينظر في طلاق الشاك الفتوى رقم: 134958.
علما بأنّ تلفظ الزوج بالطلاق الصريح لا يوقعه؛ إلا أن يكون في كامل وعيه وتمام اختياره، فإذا تلفظ بالطلاق بغير اختياره، بل كان مغلوبا على أمره بسبب حالته النفسية، فلا يقع طلاقا؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ. رواه ابن ماجه وصححه الألباني، كما أنه إذا أتى بلفظ الطلاق وهو لا يعي ما يقول بسبب الحالة النفسية التي تعرض له، فلا أثر لطلاقه؛ لأن القلم مرفوع عنه كطلاق النائم، والمغمى عليه. وينظر في طلاق الموسوس الفتوى رقم:48499، وفي طلاق المغلوب على عقله الفتوى رقم:56096.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني