الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انكشاف العورة في الصلاة بين الصحة والبطلان

السؤال

لبست سروالا قد قطع منه ما بين ‏الفخذين، ولبست فوقه ثوبا شفافا، ‏وصليت أكثر من صلاة، جاهلا ‏بالقطع.
فهل علي إعادة؟
وإذا علمت بوجود هذا القطع، وصليت.‏
‏ هل علي إعادة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان هذا القدر من العورة لا يشفّ الثوبُ عن لونَه، فلا شيء عليك اتفاقاً، كما بيناه في الفتوى رقم: 138153.
وسواءٌ ما صليته قبل العلم بالشق، وما صليته بعده.
فإن كان يصف لونه، لكن يكون ما ظهر قليلاً عرفاً، كأن يكون لا يبدو إلا بتكلف من الناظر، أو يبدو يسيراً جداً، فلا شيء عليك -إن شاء الله- على الراجح من مذاهب أهل العلم، فيما صليته قبل العلم به، ولو كان الانكشاف في جميع الصلاة.
وكذا إن كان كثيراً في القدر عرفاً، لكن يسيراً في الزمان عادةً.
ومرجع الكثرة، والقلة في كلا الحالين إلى العرف والعادة.
قال ابن قدامة رحمه الله: فإن انكشف من العورة يسيرٌ، لم تبطل صلاته. نص عليه أحمد، وبه قال أبو حنيفة...

ولنا: ما روى أبو داود، بإسناده عن أيوب، عن عمرو بن سلمة الجرمي قال: «انطلق أبي وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من قومه، فعلمهم الصلاة، وقال: يؤمكم أقرؤكم. فكنت أقرأهم، فقدموني، فكنت أؤمُّهم، وعلي بردة لي صفراء صغيرة، وكنت إذا سجدت انكشفت عني، فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم. فاشتروا لي قميصا عمانيا، فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به» ورواه أبو داود، والنسائي أيضا، عن عاصم الأحول، عن عمرو بن سلمة، قال: «فكنت أؤمهم في بردة موصلة فيها فتق، فكنت إذا سجدت فيها خرجت أستي». وهذا ينتشر ولم ينكر، ولا بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكره، ولا أحد من أصحابه؛ ولأن ما صحت الصلاة مع كثيره حال العذر، فرّق بين قليله، وكثيره في غير حال العذر، كالمشي، ولأن الاحتراز من اليسير يشق، فعفي عنه كيسير الدم. إذا ثبت هذا، فإن حد الكثير ما فحش في النظر، ولا فرق في ذلك بين الفرجين وغيرهما. واليسير ما لا يفحش، والمرجع في ذلك إلى العادة. انتهى.
وقال ابن تيمية في شرح عمدة الفقه: ويعفى عن يسير العورة قدرًا، أو زماناً، فلو انكشف منها يسير - وهو ما لا يفحش في النظر- في جميع الصلاة، أو كشفت الريح عورته، فأعادها بسرعة، أو انحل مئزره، فربطه، لم تبطل صلاته، وسواء في ذلك العورة المغلظة والمخففة. اهـ.
أما إن كان كثيراً في القدر، والزمان، فتجب عليك الإعادة.
هذا كله إن علمت يقيناً أن العورة كانت مكشوفة في تلك الصلوات، بأن لا يرِدَ احتمال أن يسترها السروال بانضمام طرفي الشق بعضهما إلى بعض، أو مع ستر الثوب الشفاف الذي لبسته.
أما إن جاز هذا وهذا، ولو باحتمال ضعيف، فلا إعادة عليك أيضاً عند أكثر العلماء؛ لأن العبادة صحت ظاهراً فلا يُزال ذلك الحكم بالشك بعد انقضائها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني