الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يطيع الولد أباه إذا نهاه عن صوم وصلاة التطوع؟

السؤال

أحيانا يقول لي والدي أن أترك ‏مستحبا كالصلاة، أو الصيام، وليس ‏عنده غرض صحيح، معتبر لمنعه ‏إياي من ذلك العمل، ولن أضره إذا ‏فعلت ما نهاني عنه من صيام ‏التطوع، ومع ذلك فهو يقول لي لا ‏تصم. وبسبب ما ذكرته لكم فأنا لا ‏أطيعه، وأصوم التطوع، وأحيانا أحلف ‏على نفسي أن أصوم التطوع؛ ليصبح ‏واجبا علي، فأصوم لما ذكرته لكم. ‏وإن كان والدي يمنعني بلا غرض ‏معتبر، ولا حصول ضرر، فأنا أفعل ‏تلك المستحبات.‏
‏ فهل فعلي هذا جائز وليس عقوقا، ‏أو إثما؟ وهل أستمر عليه؟ وماذا ‏أفعل؟ وماذا تنصحوني أن أفعل، فأنا ‏لا أريد أن أضيع أجر الصيام؟
‏ جزاكم الله خيرا.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالظاهر أن أباك ينهاك عن الصوم لغرض هو الشفقة عليك، وخشية منه أن يضر بك الصوم، ولذا ذكر العلماء أن الأولى أن تطيعه، وتترك الصوم، وأما الصلاة فلا وجه لنهيه لك عنها، ومن ثم فإنك تصلي ولو بغير إذنه، وإن أمكن أن تداريه لئلا يغضب فهو حسن.

قال ابن مفلح -رحمه الله- في الآداب: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فِي غُلَامٍ يَصُومُ، وَأَبَوَاهُ يَنْهَيَانِهِ عَنْ الصَّوْمِ التَّطَوُّعِ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَصُومَ إذَا نَهَيَاهُ، لَا أُحِبُّ أَنْ يَنْهَاهُ يَعْنِي عَنْ التَّطَوُّعِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ، فِي رَجُلٍ يَصُومُ التَّطَوُّعَ فَسَأَلَهُ أَبَوَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا أَنْ يُفْطِرَ قَالَ: يُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: يُفْطِرُ، وَلَهُ أَجْرُ الْبِرِّ، وَأَجْرُ الصَّوْمِ إذَا أَفْطَرَ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: إذَا أَمَرَهُ أَبَوَاهُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ. قَالَ: يُدَارِيهِمَا، وَيُصَلِّي. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فَفِي الصَّوْمِ كُرِهَ الِابْتِدَاءُ فِيهِ إذَا نَهَاهُ، وَاسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَقَالَ يُدَارِيهِمَا وَيُصَلِّي. انْتَهَى كَلَامُهُ.

وانظر الفتوى رقم: 252808.

ولو حلفت على الصيام لم يصر واجبا عليك بذلك، وإنما تلزمك الكفارة إذا لم تصم، وبه تعلم أن الأولى لك هو طاعة أبيك في ترك صيام التطوع، وإن أقنعته بأن الصوم لا يضر بك، وأنك ترغب في الثواب، فأذن، فهو أحسن؛ لما فيه من الجمع بين المصلحتين.

والله. أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني