الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول دعاء الركوب عند استعمال المصعد

السؤال

عندنا مصعد المبنى، فهل إذا ركبته أسبح عند النزول و أكبر عند الصعود، أم أقول ذكر ركوب الدابة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أهل العلم من يري أن دعاء الركوب لا يتناول المصاعد، وإنما هي عنده في حكم السُّلَّم أو الدرج، فقد سئل الشيخ ابن عثيمين: هل يلزم في ركوب الدابة أنه كلما ركب الدابة يدعو بدعاء الركوب؟ فأجاب: أي: نعم. ظاهر القرآن أن الإنسان كلما ركب على البعير أو السيارة أو السفينة أو القطار أن يقول: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُون} [الزخرف:13-14]، فقال السائل: هل يقاس باللفت (المصعد)؟ فقال الشيخ: لا، ما أظن المصعد الكهربائي من هذا النوع، وإنما هو درج مُيَسَّرٌ مُسَهَّل. اهـ.
ومنهم من يرى تناول هذا الذكر لكل ما يسره الله تعالى من وسائل النقل من أنواع الجمادات المستحدثة، قال الشيخ محمد إسماعيل المقدم في تفسير آية الزخرف: ومما يلفت النظر هنا أن الآية تشير إلى هذا الذكر بعد قوله سبحانه وتعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} [الزخرف:12]، و(الفلك): سفن، والسفن جمادات ليس فيها روح، فإذاً: هذا الذكر يقال عند ركوب أي شيء من وسائل المواصلات، سواء كان المصعد مثلاً؛ لأنه من تسهيل الله، أو كانت الحافلة، أو السيارة، أو الدراجة، أو أي شيء مما سخره الله سبحانه وتعالى من أنواع الجمادات، بجانب المخلوقات الحية من الخيول والجمال وغيرها، فيستحب أن يقال هذا الذكر عند الاستواء عليها. اهـ
وقال الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي في (التفسير المنير): لا تقتصر وسائل الركوب على السفن والإبل، فهناك آية أخرى تشمل الدواب والسيارات والقطارات والطائرات ونحوها من وسائل المواصلات الحديثة، وهي قوله تعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً، وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ [النحل 16/ 8].
والأمر في ذلك قريب، ولكلٍّ وجهته، فمن قال ذكر الركوب عند استعمال المصعد وتأوَّل آية سورة الزخرف، فلا حرج عليه.
وأما التكبير والتسبيح عند الصعود والهبوط، فيدل عليه إطلاق الصعود والنزول في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا. رواه البخاري. قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): مناسبة التكبير عند الصعود إلى المكان المرتفع أن الاستعلاء والارتفاع محبوب للنفوس لما فيه من استشعار الكبرياء، فشرع لمن تلبس به أن يذكر كبرياء الله تعالى وأنه أكبر من كل شيء فيكبره ليشكر له ذلك فيزيده من فضله، ومناسبة التسبيح عند الهبوط لكون المكان المنخفض محل ضيق فيشرع فيه التسبيح لأنه من أسباب الفرج. اهـ
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 129120.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني