الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رد العوض المحرم على الدافع.. رؤية شرعية

السؤال

أعمل طبيبا بيطريا بإحدى شركات القطاع الخاص لتشغيل المسالخ، وفي عملنا عرض علينا أصحاب الملاحم مالا في مقابل ذبح إناث الإبل التي هي ممنوعة على الملاحم من قبل البلدية، ونظرا لرخص أسعارها بالنسبة للذكور فيحققون من ورائها مكاسب مضاعفة بالغش، مع العلم أن هذا العرف سائد في كافة المسالخ تقريبا، والتي تتراخى فيها البلديات عن متابعة المسلخ، فما حكم هذا المال بالنسبة لي؟ لأني سألت شيخا من قبل فقال: كفارته إنفاقه على مصلحة عامة، أو مشروع خيري لهذه البلدية أو غيرها، وسألت آخر فقال لي: أن أرده إلى أصحاب الملاحم، أو أستسمحهم في هذا المال، ففعلت واستسمحتهم قبل أن أترك المسلخ لعمل آخر، ولكني لا أجد قلبي مرتاحا للرأي الثاني، فأي القولين صحيح؟ وهل هذا المال من الرشوة؟ وهل إذا استسمحت صاحب الملحمة الذي هو شريك في هذه المخالفة ومستفيد تبرأ ذمتي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكسب عن طريق الغش ومخالفة لوائح العمل كسب محرم، وما بذله أصحاب الملاحم من رشوة للتوصل بها إلى أمر محرم لا يصح رده إليهم بعد أن استوفوا غرضهم، فيُجمع لهم بذلك بين العوضين، قال ابن القيم: إن كان المقبوض برضا الدافع وقد استوفى عوضه المحرم، كمن عاوض على خمر، أو خنزير، أو على زنى أو فاحشة، فهذا لا يجب رد العوض على الدافع؛ لأنه أخرجه باختياره واستوفى عوضه المحرم، فلا يجوز أن يجمع له بين العوض والمعوض عنه، فإن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان، ولكن لا يطيب للقابض أكله، بل هو خبيث، كما حكم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن خبثه لخبث مكسبه لا لظلم من أخذ منه، فطريق التخلص منه وتمام التوبة بالصدقة. اهـ.
وبذلك يتبين للسائل صحة قول من أمره بإنفاق هذا المال على مصلحة عامة أو مشروع خيري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني