الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى المبالغة في الاستنشاق والاستنثار، وحكم تنظيف ما داخل الأنف

السؤال

أنا أستنشق بشفط الماء إلى داخل أنفي حتى ينزل بعض الماء إلى الفم (من داخل الأنف)، فهل هذا معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا". لأن الصائم لا يشرب الماء، والاستنشاق الذي أفعله عادة ما يدخل الحلق، فهل هذا هو المقصود بالمبالغة؟ وهل وضوئي خاطئ إذا لم أبالغ؟ وهل الاستنثار هو إخراج جميع ما في الأنف من أوساخ، أم إخراج الماء فقط؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمبالغة في الاستنشاق: هي جذب الماء بالنفس إلى أقصى الأنف؛ جاء في مواهب الجليل للحطاب المالكي: والمبالغة في الاستنشاق: اجتذاب الماء بالنفس إلى أقصى الأنف، ولا يجعله سعوطًا. انتهى.

وفي الإنصاف للمرداوي الحنبلي: والمبالغة في الاستنشاق: جذب الماء بالنفس إلى أقصى الأنف، على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب، وقال في الرعاية: أو أكثره، كما قال في المضمضة، ولا يجعله سعوطًا. انتهى.

وعلى هذا؛ فما تقوم به من المبالغة في الاستنشاق حتى يصل الماء إلى فمك، ليس هو المقصود بالمبالغة، بل هو زيادة عليها, لكنه لا يبطل وضوءك.

وعدم المبالغة في الاستنشاق لا تبطل الوضوء؛ جاء في كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: (و) الواجب في الاستنشاق (جذب الماء إلى باطن الأنف)، وإن لم يبلغ أقصاه. انتهى.

والاستنثار: هو إخراج الماء من الأنف بعد دخوله فيه بسبب الاستنشاق، قال ابن قدامة في المغني: والاستنشاق: اجتذاب الماء بالنفس إلى باطن الأنف، والاستنثار: إخراج الماء من أنفه، ولكن يعبَّر بالاستنثار عن الاستنشاق لكونه من لوازمه. انتهى.

أما تنظيف داخل الأنف من الأوساخ ونحوها فهو مستحب عند البعض؛ جاء في حاشية العدوي المالكي على شرح الخرشي -متحدثًا عن الاستنثار-: واستحب بعضهم أن يدخل إصبعه المذكور في الأنف؛ ليزيل ما به من المخاط، والوسخ. انتهى.

وفي شرح عمدة الأحكام للشيخ عبد الله بن جبرين -متحدثًا عن المضمضة والاستنشاق-: ولا شك أن القصد الأساسي هو التنظيف، وأن الفم قد يكون محل تغير، فإن كثيرًا من الناس تتغير رائحة أفواههم لطول السكوت، أو لأكل شيء يبقى بعضه في الفم، فتتغير رائحة الفم بسبب ذلك، فغسله وتحريك الماء فيه بالإصبع تنظيف له، وإزالة لتلك الرائحة، وكذلك الأنف قد يتحلل منه أشياء مستقذرة، فتنظيفه إزالة لما قد يتحلل منه مما هو مستقذر، أو مما هو أذى، فشرعية المضمضة والاستنشاق محافظة على تنظيف الظاهر الذي ما يمكن ظهوره. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني