الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضرب زوجته فأصيبت بعجز جزئي بيدها فما ديتها وهل يلزمه نفقات علاجها

السؤال

قمت بحذف عدة رسائل من موبايل زوجتي، فحدثت مشاجرة بيني وبينها وتعدت علي بالضرب فضربتها، فأتت بسكين ومفتاح أنابيب من المطبخ للتعدي علي فأخذتهما منها، ثم أتت بشاكوش لتضربني به وحدث سجال بيننا وضربتها به ضربتين على معصم يدها اليسرى، ثم انتهت المشاجرة وتصالحنا، وبعدها بأشهر ذهبت لطبيب وكان تشخيصه قطع بالوتر وإصابة وقرحة بعظمة الرسغ وتحتاج جراحة فتحملت تكاليف العملية، (مر عليها سنتان)، حالتها الآن: الشكل الخارجي لليد كما هو باستثناء أثر خياطة الجراحة، وتعاني من ألم مزمن يحتاج علاجا شهريا ونقص في القدرة الوظيفية لليد بمقدار 30% تقريبا، وبعض الأطباء ينصح بإجراء عملية أخرى، طلبت مني دية لذلك، واتفقنا على مائة ألف جنيه مصري، الآن نحن بصدد الطلاق، بعد الطلاق ودفع الدية، هل يجب على تحمل نفقات العلاج والعمليات؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجنايتك على يد زوجك ليس فيها دية ولكن فيها حكومة، وهي تعويض عن نقص منفعة اليد، ويجوز الصلح فيه على ما تتفقان عليه، لكن يستحقّ هذا التعويض بعد برء اليد من الجناية لا قبله، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ: ولا يكون التقويم إلا بعد برء الجرح؛ لأن أرش الجرح المقدر إنما يستقر بعد برئه، فإن لم تنقصه الجناية شيئا بعد البرء، مثل أن قطع إصبعا أو يدا زائدة، أو قلع لحية امرأة، فلم ينقصه ذلك، بل زاده حسنا،فلا شيء على الجاني؛ لأن الحكومة لأجل جبر النقص، ولا نقص هاهنا، فأشبه ما لو لطم وجهه فلم يؤثر... المغني لابن قدامة (8/ 483)
وأما نفقات العلاج ففي وجوبها على الجاني خلاف بين أهل العلم، والأولى أن يرجع في ذلك إلى المحكمة الشرعية أو ما يقوم مقامها عند فقدها كالمراكز الإسلامية، جاء في مجلة البحوث الإسلامية: وأما الجنايات التي ليس فيها شيء مقدر فلا أرى هناك ما يمنع من الأخذ بما استحسنه بعض المالكية من لزوم تحمل نفقات العلاج فيها مطلقا عملا بالقاعدة الشرعية: الضرر يزال، حيث إن العلاج وسيلة إزالة ضرر الجراحة وقد ألحق الجاني ضرر الجراحة بالمجني عليه فلزمه إزالته بالعلاج، لا سيما وأنها في الغالب ليست خطيرة كخطورة ما فيها شيء مقدر، ومن ثم فإذا برئت الجناية على شين أخذ زيادة على ذلك الحكومة.
وقد رأى بعض المعاصرين أن النفقات التي هي من قبيل تعويض العضو المفقود كتركيب رجل صناعية مثلا هي مشمولة حتما بمبلغ الأرش، ولكن النفقات اللازمة للوصول إلى حالة البرء والتي هدفها اجتناب سراية التلف وتفاقمه يمكن تحميلها كاملا أو بعضا على الجاني، والأفضل ترك ذلك لتقدير المحكمة، وعليه فإن تم الاتفاق بينكما على ما تضمنته الفتوى مما يتعلق بنفقة العلاج فبها ونعمت وإلا فإن ما يترتب على الجناية من حق للمجنى عليه غالبا ما تكون فيه مشاحة بل قد يكون محل نزاع وخصومة؛ لذلك فإن الأولى رفعه للجهات الشرعية المختصة بأمور الجنايات، أما الفتوى فقد لا تكون مجدية في مثل تلك الأمور ولا سيما ما كان فيه اختلاف منها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني