الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاستدانة من أجل عمل مشروع للتكسب منه

السؤال

أريد أن أعمل في مشاريع كثيرة أخطط لها, لكن ليس لدي مال، فهل آخذ قروضا من البنوك, وديونا من الناس, لكي أعمل المشاريع, ثم أسدد الديون؟
لأن هناك شخصا يقول: الديون أمرها عظيم بعد الموت في القبر، وستعذب بها. علما أن نيتي أن أقضيها, وليس تحايلا على الآخرين.
وجزاكم الله خيرا على ما تقومون به.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاستخر الله تعالى فيما تود الإقدام عليه، واستشر ذوي الخبرة والاختصاص، واحذر من القروض الربوية مطلقًا, سواء من أشخاص أو بنوك أو غيرها؛ فهي محرمة, ولا خير فيها, ولا بركة, والاستدانة للحاجة غير مذموم إذا كان في نية صاحبه الوفاء، وقد مات سيد الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة في دين، ففي البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير.
واستحضر عند أخذك للديون حسن النية, والعزيمة على القضاء, فذلك مما يعينك على قضائها بتوفيق الله وتيسيره؛ فقد أخرج البخاري في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. وعن عبد الله بن جعفر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكرهه الله. رواه الحاكم, وقال: هذا حديث صحيح الإسناد, ولم يخرجاه.

والمذموم إنما هو تضييعها, وعدم أدائها, والتساهل في أخذها لغير حاجة معتبرة؛ قال في تحفة الأحوذي عند شرح ما رواه الترمذي، وغيره، من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي برجل ليصلي عليه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صلوا على صاحبكم، فإن عليه دينًا، قال أبو قتادة: هو عليَّ. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بالوفاء؟ قال: بالوفاء. فصلى عليه. وهو حديث صحيح. قال القاضي ابن العربي في العارضة: وامتناعه من الصلاة لمن ترك عليه دينًا؛ تحذيرًا عن التقحم في الديون؛ لئلا تضيع أموال الناس، كما ترك الصلاة على العصاة زجرًا عنها حتى يجتنب خوفًا من العار، ومن حرمان صلاة الإمام، وخيار المسلمين. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني