الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أريد سؤالكم عن موضوع أتعبني وأصابني بالوسواس.
قرأت أن الكحل لا يعد حائلا في فتاوى كثيرة إلا ما كان له جرم، ولكنني أضع الكحل العادي (القلم الجاف) وأدهن به ما حول عيني، ويكون عاديا جدا، وبعد فترة من الزمن إذا مسحت عيني أجد لون الكحل في إصبعي، ومعه بعض الفتات، هذا الفتات أستطيع تحريكه بإصبعي الآخر، فأخذت أتساءل هل تعتبر جرما؟ فبالتالي؛ تعد حائلا يمنع وصول الماء! وصرت أعاني في مسألة الوضوء والغسل والطهارة لهذا السبب. فهل ما أقوم به من عد هذا الفتات حائلا على الرغم من أن الكحل طبيعي -وهو المعروف والمنتشر باسم: "كحل القلم الذهبي"- صحيح؟ وهل يجوز أن أعدّه من الحائل اليسير، وأتجاهل إزالته، وأتوضأ مع وجوده ضمن مساحة الكحل حول عيني حيث أن كحلي أصبح لونا ومعه فتات؟
وجزاكم الله خيرا، وفرج همومنا وإياكم، وشرح صدورنا أجمعين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل إزالة هذا النوع من الكحل قبل الوضوء، وليس في ذلك كبير مشقة، وقد سئل الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: هل الكحل مانع من وصول الماء في الوضوء؟ فأجاب: ما كان مثل الحبر ونحوه من الألوان فليس بمانع، حتى وإن جرى إذا أصابه ماء, وما كان له جرم أو طبقة كثيفة فلا بد من إزالته عند الوضوء. اهـ.

وما ذكرت مما له جرم، وليس مجرد لون يدخل في حكم الحائل لكنه على ما يظهر من الحائل اليسير على أعضاء الوضوء، ومن أهل العلم من صحح الوضوء مع هذا الحائل، كما بينا بالفتوى رقم: 145229.

وما دمت موسوسة فللموسوس أن يأخذ بأخف الأقوال حتى يعافيه الله تعالى، كما بينا في الفتوى رقم: 181305. وسئل الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله-: ما القدر الذي يعفى عنه مما يلتصق بالبشرة، ويمنع وصول الماء عند الوضوء، كأثر العجين، وما يعلق ببشرة الدهانين ورؤوسهم؟ فأجاب: الفقهاء لا يرون العفو عن أي شيء، سوى ما كان تحت الأظافر. وشيخ الإسلام يرى العفو عن اليسير في هذا وفي النجاسات. ولكن تقدير اليسير لا ينضبط عند الناس . فالذي نرى: أخذ الناس بالحزم في هذه الأمور ، وعدم التساهل ، حتى لا يفرطوا . ولكن لو قدرنا أن سائلاً سأل عن حصول ذلك منذ مدة طويلة فربما يفتى بالعفو . انتهى من ثمرات التدوين.

ونسأل الله أن يعافيك من الوسوسة، وننصحك بملازمة الدعاء، والتضرع، وأن تلهي عن هذه الوساوس، ونوصيك بمراجعة طبيب نفسي ثقة، ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات من موقعنا، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 3086، 51601، 147101، وتوابعها.

ونوصيك بحسن الظن بالله، وأنه لا يضيع أجر من أحسن عملًا، وقد قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}، وقال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:6}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني