الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كراهية ما يرمز للكفر من اللوازم الصحيحة للولاء والبراء

السؤال

هل هذه النقاط أدناه صحيحة، ولا تعارض عقيدة الولاء والبراء؟ مع الشرح والإيضاح مع جزيل الشكر:
1- الشعور بالغضب أو الكراهية عندما يرى المسلم كنيسة؛ لأنها رمز لعقيدة كافرة.
2- الشعور بالغضب أو الكراهية عندما يرى المسلم معبدا وثنيا؛ لأنه رمز لعقيدة كافرة.
3- الشعور بالغضب أو الكراهية عندما يرى المسلم شخصا يعتنق غير الإسلام دينا، مثل أن يرى رجلا يحمل في عنقه صليبا أو رمزا وثنيا.
مع الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكره الأخ السائل من اللوازم الصحيحة لعقيدة الولاء والبراء، فالمؤمن يحب الله تعالى، ويحب ما يحبه الله، ويبغض ما يبغضه الله، والله تعالى لا يحب الكفر وأهله، ولا محله وموضعه! قال ابن القيم في (أحكام أهل الذمة): كنائسهم هي مواضع اللعنة، والسخطة والغضب ينزل عليهم فيها، كما قال بعض الصحابة: "اجتنبوا اليهود والنصارى في أعيادهم فإن السخطة تتنزل عليهم". وبأنها من بيوت أعداء الله... اهـ.
غير أن بغض المسلم وغضبه لله تعالى عندما يرى الشرك وشعائره، لا يتعارض مع شفقته على أهله وخوفه عليهم من غضب الله تعالى وسخطه وعذابه، مما يحمله على دعوتهم للحق والسعي في هدايتهم، قال تعالى: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا {الكهف:6}، قال السعدي: لما كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على هداية الخلق، ساعيا في ذلك أعظم السعي، فكان صلى الله عليه وسلم يفرح ويسر بهداية المهتدين، ويحزن ويأسف على المكذبين الضالين، شفقة منه صلى الله عليه وسلم عليهم، ورحمة بهم، أرشده الله أن لا يشغل نفسه بالأسف على هؤلاء، الذين لا يؤمنون بهذا القرآن، كما قال في الآية الأخرى: {لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين} وقال {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} وهنا قال {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} أي: مهلكها، غما وأسفا عليهم، وذلك أن أجرك قد وجب على الله... وفي هذه الآية ونحوها عبرة، فإن المأمور بدعاء الخلق إلى الله، عليه التبليغ والسعي بكل سبب يوصل إلى الهداية، وسد طرق الضلال والغواية بغاية ما يمكنه، مع التوكل على الله في ذلك. اهـ.
وكذلك لا يحمله غضبه لله على إيذاء غير المحاربين من الكفار، وقد أوصى أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ أمير جنده قبل الجهاد فقال: "إنك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له". رواه مالك في الموطأ. قال الباجي في المنتقى: يُرِيدُ الرُّهْبَانَ الَّذِينَ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ وَأَقْبَلُوا عَلَى مَا يَدَّعُونَ مِنْ الْعِبَادَةِ وَكَفُّوا عَنْ مُعَاوَنَةِ أَهْلِ مِلَّتِهِمْ بِرَأْيٍ أَوْ مَالٍ أَوْ حَرْبٍ أَوْ إخْبَارٍ بِخَبَرٍ، فَهَؤُلَاءِ لَا يُقْتَلُونَ سَوَاءٌ كَانُوا فِي صَوَامِعَ أَوْ دِيَارَاتٍ أَوْ غِيرَانٍ (جمع غار). اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني