الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم من أحرمت بالعمرة فحاضت فوكلت من ينوب عنها ورجعت لبلدها

السؤال

خرجت مع أبي وأمي وأختي للعمرة ... وعند وصولنا لم تستطع أختي الطواف حول البيت بسبب العادة الشهرية ولم يكن لدينا وقت للبقاء كثيراً ... فوكلتني بالطواف والسعي ... وعند العودة أجلستها قريبا من الحرم لتودع ... فهل هذا جائز وصحيح ما فعلت ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا يصح التوكيل في الطواف والسعي لا في الحج ولا في العمرة، إلا للمعضوب وهو المريض الذي لا يرجى برؤه، أما كون المحرمة قد حاضت، فلا يسوغ لها هذا أن توكل من يطوف عنها، أو يسعى، وفي صحيح البخاري: أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم حاضت، فذكرت ذلك لرسول الله فقال: أحابستنا هي؟ قالوا: إنها قد أفاضت، قال: فلا إذاً. ولو كان يجوز التوكيل لها لما قال: أحابستنا هي.
واعلم بأن السعي لا يشترط له طهارة إنما تستحب فقط، واعلم كذلك أنه يلزم أختك العودة إلى مكة لإكمال العمرة، فتطوف وتسعى وتقصر، كما يلزمها الآن أن تتجنب محظورات الإحرام لأنها باقية على إحرامها، فيجب أن تمتنع عن الطيب، وقص الظفر والشعر، ولبس النقاب والقفازين، وتستر وجهها ويديها بحضرة الرجال بغير ذلك، ولا يقربها زوجها، أما ما وقعت فيه من محظورات وهي جاهلة، فلا كفارة عليها فيه على أصح أقوال أهل العلم، لقول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].
ولقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الأحزاب:5].
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
ولأن القاعدة المطردة في الشريعة أن محظورات العبادات إذا فعلها العبد ناسياً أو مخطئا فلا يؤاخذ بها، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم، سئل وهو بالجعرانة عن رجل أحرم بالعمرة وعليه جبة وهو متضمخ بالخلوق؟ فلما نزل عليه الوحي قال له: انزع عنك جبتك واغسل عنك أثر الخلوق واصنع في عمرتك ما كنت صانعاً في حجك.
وهذا قد فعل محظوراً في الحج وهو لبس الجبة، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بسبب ذلك بكفارة، ولو فعل ذلك مع العلم للزمه كفارة.
ويجب على أختك المسارعة إلى إتمام العمرة حتى لا تقع في محظور من محظورات الإحرام، فتأثم بذلك، وتتوجب عليها الكفارة بسببه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني