الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفصيل عند الشك بوجود لحم الخنزير في الطعام

السؤال

نحن شباب بأمريكا رحنا إلى مطعم وطلبنا بيتزا، فطلبت بيتزا دجاج مع باربكيو صوص ونسيت أن أسأله إذا كانت فيها بورك أو لا؟
يوم وصلت البيت تذكرت أني لم أسأله، فما حكمها لو كان بها بورك؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل في أطعمة أهل الكتاب هو الحل والإباحة، والشك في وجود لحم الخنزير بها لا يوجب التحريم، إلا إن عُلم أن الغالب هو وجود لحم الخنزير في الأطعمة، فحينئذ يجب السؤال، والكف عن تناول ما شك فيه ولم يسأل عنه، وقد سئل ابن عثيمين: هل يجوز لنا أن نأكل سمكا أو بطاطس مقلي بزيت كان يستعمل لقلي لحماً غير حلال أو ربما خنزير؟ هل يجب أن نسأل صاحب المطعم هل قلى شيئا آخر في ذلك الزيت أم لا ؟ أم نأكل بدون سؤال؟ فأجاب: ما دمنا نعلم أن أكثر ما يقلى بها الشيء النجس من ميتة أو خنزير فلا بد أن نسأل، وأما إذا كنا لا ندري هل الأكثر أن يقلى بها الشيء النجس أو غيره فلا يجب السؤال. اهـ.

وفي فتاوى اللجنة الدائمة: لا حرج في أكل الأجبان المصنوعة من أنفحة البقر ولا يجب السؤال عنها، فإن المسلمين ما زالوا يأكلون من أجبان الكفار من عهد الصحابة، ولم يسألوا عن نوع الأنفحة، فإذا علم يقينا أن هذه الأنفحة تستخدم من أبقار لم تذبح على الطريقة الشرعية فإنه يحرم حينئذ تناولها. وإذا شك شخص في شيء منها هل يحل أم يحرم بالنظر لما احتف له من الملابسات والقرائن فالاحتياط تركه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك » رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه .اهـ.

وأما إن تبين وجود شيء من الخنزير من الطعام فلا ريب في وجوب اجتنابه، وإذا أكل المسلم طعاما ـ حيث يجوز البناء على أصل الحل ـ وكان في حقيقة الأمر يشتمل على محرم من خنزير أو غيره ولم يتبين له ذلك فإنه غير مؤاخذ، ولا إثم عليه، فإن الخطأ مرفوع عن هذ الأمة، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}، قال ابن كثير: فإن الله قد وضع الحرج في الخطأ ورفع إثمه، كما أرشد إليه في قوله آمرا عباده أن يقولوا: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: 286]، وثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله: قد فعلت". وفي صحيح البخاري، عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب، فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ، فله أجر". وفي الحديث الآخر: "إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما يكرهون عليه". وقال هاهنا: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما} أي: وإنما الإثم على من تعمد الباطل؛ كما قال تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}. اهـ.

وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 181383.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني