الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عورة المرأة مع المرأة ومع محارمها والأدلة على ذلك

السؤال

هل يوجد دليل على أن عورة المرأة أمام المرأة وأمام المحارم هي من السرة إلى الركبة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما عورة المرأة مع المرأة: فهي عند جمهور الفقهاء ما بين السرة والركبة؛ كما بينا بالفتوى رقم: 115965، وتوابعها، وذكرنا ما في ذلك من الخلاف، والدليل والتعليل.

وأما عورتها التي يجب سترها عن المحارم: فالأقرب أنها ما لا يظهر غالبا، وأما دليل من قال: من السرة إلى الركبة؛ فنذكره مع جوابه للإمام البيهقي في السنن الكبرى: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- فِي قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] " وَالزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ: الْوَجْهُ، وَكُحْلُ الْعَيْنِ، وَخِضَابُ الْكَفِّ، وَالْخَاتَمُ، فَهَذَا تُظْهِرُهُ فِي بَيْتِهَا لِمَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ، أَوْ أَبْنَائِهِنَّ، أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ، أَوْ إِخْوَانِهِنَّ، أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ، أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ، أَوْ نِسَائِهِنَّ، أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ، أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور: 31]، وَالزِّينَةُ الَّتِي تُبْدِيهَا لِهَؤُلَاءِ النَّاسِ: قُرْطَاهَا، وَقِلَادَتُهَا، وَسِوَارَاهَا، فَأَمَّا خَلْخَالَهَا، وَمُعْضَدَتُهَا، وَنَحْرُهَا، وَشَعْرُهَا: فَلَا تُبْدِيهِ إِلَّا لِزَوْجِهَا " وَرُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: " يَعْنِي بِهِ الْقُرْطَيْنِ، وَالسَّالِفَةَ، وَالسَّاعِدَيْنِ، وَالْقَدَمَيْنِ، وَهَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ أَلَّا تُبْدِي مِنْ زِينَتِهَا الْبَاطِنَةِ شَيْئًا لِغَيْرِ زَوْجِهَا، إِلَّا مَا يَظْهَرُ مِنْهَا فِي مِهْنَتِهَا، فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهَا لِذَوِي الْمَحَارِمِ شَيْءٌ فَوْقَ سُرَّتِهَا وَدُونَ رُكْبَتِهَا، فَقَدْ قِيلَ: لَا بَأْسَ " اسْتِدْلَالًا بِمَا رَوَيْنَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: " إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَمَتَهُ أَوْ أَجِيرَهُ، فَلَا يَنْظُرَنَّ إِلَى عَوْرَتِهَا "، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى " فَلَا يَنْظُرْ إِلَى مَا دُونَ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ "، وَالرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ إِذَا قُرِنَتْ بِالْأُولَى دَلَّتَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ، نَهْيُ السَّيِّدِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَتِهَا إِذَا زَوَّجَهَا، وَهِيَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ، وَالسَّيِّدُ مَعَهَا إِذَا زَوَّجَهَا كَذَوِي مَحَارِمِهَا، إِلَّا أَنَّ النَّضْرَ بْنَ شُمَيْلٍ رَوَاهُ عَنْ سَوَّارٍ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَمَتَهُ أَوْ أَجِيرَهُ، فَلَا تَنْظُرِ الْأَمَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ، فَإِنَّ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ إِلَى رُكْبَتِهِ مِنَ الْعَوْرَةِ "، وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ سَائِرُ طُرُقِهِ، وَذَلِكَ لَا يُنْبِئُ عَمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ الْأُولَى، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهَا لَا تُبْدِي لِسَيِّدِهَا بَعْدَمَا زَوَّجَهَا، وَلَا الْحُرَّةُ لِذَوِي مَحَارِمِهَا إِلَّا مَا يَظْهَرُ مِنْهَا فِي حَالِ الْمِهْنَةِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.

فَأَمَّا الزَّوْجُ: فَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَوْرَتِهَا، وَلَهَا أَنْ تَنْظُرَ إِلَى عَوْرَتِهِ، سِوَى الْفَرْجِ فَفِيهِ خِلَافٌ، وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ مَعَهُ أَمَتُهُ إِنْ كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني