الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ...)

السؤال

قال تعالى: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ).
بعض اليهود والنصارى يعتبرون هذه الآية دليلًا واضحاً من القرآن على أن الأرض المقدسة هي لليهود الذين يعتبرون أنفسهم بني إسرائيل؟ فنرجو أن تتكرموا علينا بتوضيح هذا الأمر الجلل، راجين من الله التوفيق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فأرض فلسطين هي أرض الإسلام، وأرض النبوات، لا يحق لكافر يهودي أو نصراني أو وثني أن يحكمها، وهذه الآية التي استدل بها اليهود دليل عليهم لا لهم ذلك أن الله يقول فيها مخبراً عن نبيه موسى -عليه الصلاة والسلام-: يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ {المائدة:21}.

ففيها أن الله حكم وقضى أن يقوم المسلمون من قوم موسى بمناجزة أعداء الله العمالقة الوثنيين الذين استولوا على الأرض المقدسة أرض فلسطين، وما حولها وأمرهم بطردهم منها، لأنها أرض إسلامية لا يحل لهؤلاء الكفار الوثنيين أن يحكموها ويسوسوا أهلها بالكفر والشرك. وموسى -عليه السلام- وجميع الأنبياء دينهم الإسلام، كما قال سبحانه: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {آل عمران:19}، وقال سبحانه حكاية عن موسى قوله: وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ {يونس:84}.

فليس لله دين في القديم أو الحديث غير الإسلام، وهكذا يقال اليوم: لا يحق لليهود الكفار الذي كفروا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وكذبوه وهم بكفرهم بمحمد يكفرون بموسى الذي آمن بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وأُخِذَ عليه العهد والميثاق أن لو بعث وهو حي أن يؤمن به ويصدقه، كما قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ {آل عمران:81}.

نقول: لا يحق لهم أن يحكموا أرض فلسطين، وعلى المسلمين طردهم وإخراجهم من هذه الأرض، كما حكم الله على المسلمين من أصحاب موسى -عليه السلام- أن يطردوا العمالقة الكفار منها، فهذا هو الأصل الأصيل الذي يبني عليه المسلمون استحقاقهم لهذه الأرض وسائر أراضي المسلمين.

ثم نقول: -تنزلاً- ليس في الآية دليل على الدعوى الواردة في السؤال!! إذ ليس فيها ما يفيد أن هذه الأرض لبني إسرائيل إلى أبد الآبدين، وإنما توجه الخطاب إلى الموجودين مع موسى -عليه السلام- في ذلك الحين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني