الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره

السؤال

جزيتم خيرا، شيخي حدث خلاف بين صديقتيَّ فأخبرتني الأولى بخبر عظيم عن الثانية، فأردت أن أتبين الأمر من الثانية فلم تجب ولم ترض أن تناقش، وتركتنا لا ندري أين الحق بحجة أنها تريد من الله أن يدافع عنها، أليس هذا خور؟ فنحن فقط أردنا التبين، وهل لو دار بفكرنا أنها مخطئة نأثم؟ وذلك أن كل الأدلة ضدها وهي لا ترد، هل موقفها من الإسلام؟ وهل موقفنا صحيح؟ ولو كانت مظلومة فرضا هل سيحاسبنا الله لعموم الأدلة ضدها وسكوتها غير المبرر؟.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيشرع للمرء أن يدفع عن نفسه الاتهام، وقالة السوء، كما بينا بالفتوى رقم: 79951، ولكن قد يعجز المرء عن أن يبين، وقد يكون في الذب عن نفسه إيذاء لغيره، أو مفسدة أخرى؛ فسكوته لا يعني خطأه، جاء في صحيح البخاري عن سالم بن عبد الله أنه سمع عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يحدث: أن عمر بن الخطاب ، حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد بدرا، توفي بالمدينة، قال عمر: فلقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة، فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، قال: سأنظر في أمري، فلبثت ليالي، فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبا بكر فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك؟ قلت: نعم، قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها لقبلتها.

فأبو بكر لم يذكر عذره لعمر حتى وجد عمر عليه، ثم بعد ذلك تبين عذره، وهو أنه لم يكن ليفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وذكر الذهبي في السير عن محمد بن عمر قال: كان مالك يأتي المسجد، فيشهد الصلوات، والجمعة، والجنائز، ويعود المرضى، ويجلس في المسجد، فيجتمع إليه أصحابه، ثم ترك الجلوس، فكان يصلي وينصرف، وترك شهود الجنائز، ثم ترك ذلك كله والجمعة، واحتمل الناس ذلك كله، وكانوا أرغب ما كانوا فيه، وربما كلم في ذلك، فيقول: ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره. انتهى.

فلعل زميلتك كذلك.

ولذلك ننصحك بألا تسيئي الظن بها طالما عرفت بالاستقامة، وأما إذا كانت معروفة بالانحراف ففي سوء الظن بها رخصة، وانظري الفتويين التالية أرقامهما: 60923، 253033، وتوابعهما.

ونقل القرطبي عن العلماء: والذي يميز الظنون التي يجب اجتنابها عما سواها، أن كل ما لم تعرف له أمارة صحيحة، وسبب ظاهر كان حراما واجب الاجتناب، وذلك إذا كان المظنون به ممن شوهد منه الستر والصلاح، وأونست منه الأمانة في الظاهر، فظن الفساد به والخيانة محرم، بخلاف من اشتهر في الناس بتعاطي الريب، والمجاهرة بالخبائث. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني